سبب رزقكم التكذيب، ويحتمل أن يكون مفعولا من أجله تقديره: تجعلون رزقكم حاصلا من أجل أنكم تكذبون، وأما على القول الأول فإعراب أنكم تكذبون مفعول لا غير.
فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ لولا هنا عرض والضمير في بلغت للنفس، لأن سياق الكلام يقتضي ذلك وبلوغها للحلقوم حين الموت، والفعل الذي دخلت عليه لولا هو قوله ترجعونها أي: هلا رددتم النفس حين الموت، ومعنى الآية احتجاج على البشر وإظهار لعجزهم لأنهم إذا حضر أحدهم الموت لم يقدروا أن يردوا روحه إلى جسده، وذلك دليل على أنهم عبيد مقهورون وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ هذا خطاب لمن يحضر الميت من أقاربه وغيرهم، يعني تنظرون إليه ولا تقدرون له على شيء وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ يحتمل أن يريد قرب نفسه تعالى بعلمه واطلاعه، أو قرب الملائكة الذين يقبضون الأرواح، فيكون من قرب المسافة وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ إن أراد بقوله نحن أقرب الملائكة فقوله: لا تبصرون من رؤية العين، وإن أراد نفسه تعالى فهو من رؤية القلب فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ لولا هنا عرض كالأولى وكررت للتأكيد والبيان لما طال الكلام، والفعل الذي دخلت عليه لولا الأولى والثانية قوله ترجعونها أي: هلا رددتم النفس إلى الجسد إذا بلغت الحلقوم إن كنتم غير مدينين، وغير مربوبين ومقهورين، فافعلوا ذلك إن كنتم صادقين في كفركم. وترتيب الكلام: فلولا ترجعون النفس إذا بلغت الحلقوم إن كنتم غير مدينين فارجعوا إن كنتم صادقين فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ الضمير في كان للمتوفي وكرر هنا ما ذكره في أول السورة من تقسيم الناس إلى ثلاثة أصناف السابقين وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال فالمراد بالمقربين هنا السابقون المذكورون هناك فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ الروح الاستراحة وقيل: الرحمة روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ فروح بضم الراء ومعناه الرحمة وقيل:
الخلود أي بقاء الروح وأما الريحان فقيل: إنه الرزق وقيل: الاستراحة وقيل: الطيب وقيل الريحان المعروف وفي قوله: روح وريحان ضرب من ضروب التجنيس.
فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ معنى هذا على الجملة نجاة أصحاب اليمين وسعادتهم، والسلام هنا يحتمل أن يكون بمعنى السلامة أو التحية، والخطاب في ذلك يحتمل أن يكون للنبي صلى الله عليه وسلم أو لأحد من أصحاب اليمين فإن كان للنبي صلى الله عليه وسلم فالسلام بمعنى السلامة والمعنى: سلام لك يا محمد منهم أي لا ترى منهم إلا السلامة من العذاب، وإن كان الخطاب لأحد من أصحاب اليمين فالسلام بمعنى التحية والمعنى: سلام لك أي تحية لك يا صاحب اليمين من إخوانك، وهم أصحاب اليمين، أي يسلمون عليك فهو كقوله:
إلا قيلا سلاما سلاما، أو يكون بمعنى السلامة والتقدير: سلامة لك يا صاحب اليمين، ثم