المعنى أن يوما من أيام الآخرة مقداره ألف سنة من أعوام الدنيا، ولذلك قال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بنصف «١» يوم. وذلك خمسمائة سنة، وقيل: المعنى إن يوما واحدا من أيام العذاب كألف سنة لطول العذاب، فإن أيام البؤس طويلة، وإن كانت في الحقيقة قصيرة، وفي كل واحد من الوجهين تهديد للذين استعجلوا العذاب، إلا أن الأول أرجح، لأن الألف سنة فيه حقيقة، وقيل: إن اليوم المذكور في الآية هو يوم من الأيام الستة التي خلق الله فيها السموات والأرض.
وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ ذكر أولا القرى التي أهلكها بغير إملاء، وذكر هنا التي أهلكها بعد الإملاء، والإملاء هو الإمهال مع إرادة المعاقبة فيما بعد، وعطف هذه الجملة بالواو على الجمل المعطوفة قبلها بالواو، وقال في الأولى فكأين لأنه بدل من قوله: فكيف كان نكير سَعَوْا فِي آياتِنا أي سعوا فيها بالطعن عليها، وهو من قولك: سعى في الأمر إذا جد فيه لقصد إصلاحه أو إفساده مُعاجِزِينَ بالألف: أي مغالبين، لأنهم قصدوا عجز صاحب الآيات، والآيات تقتضي عجزهم، فصارت مفاعلة، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بالتشديد [معجّزين] من غير ألف ومعناه أنهم يعجزون الناس عن الإسلام أي يثبطونهم عنه مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ النبيّ أعم من الرسول، فكل رسول نبيّ وليس كل نبيّ رسولا، فقدم الرسول لمناسبة لقوله أرسلنا وأخر النبي لتحصيل العموم، لأنه لو اقتصر على رسول لم يدخل في ذلك من كان نبيا غير رسول إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ سبب هذه الآية أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قرأ سورة والنجم بالمسجد الحرام بمحضر المشركين والمسلمين فلما بلغ إلى قوله: أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ألقى الشيطان: تلك الغرانيق العلى، منها الشفاعة ترتجى، فسمع ذلك المشركون ففرحوا به وقالوا: محمد يذكر آلهتنا بما نريد.
واختلف في كيفية إلقاء الشيطان، فقيل: إن الشيطان هو الذي تكلم بذلك، وظن الناس أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم هو المتكلم به لأنه قرّب صوته من صوت النبيّ صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، حتى التبس الأمر على المشركين، وقيل: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي تكلم بذلك على وجه الخطأ والسهو لأن الشيطان ألقاه ووسوس في قلبه، حتى خرجت تلك الكلمة على لسانه من غير قصد، والقول الثاني أشهر عند المفسرين والناقلين لهذه القصة، والقول الأول أرجح لأن النبي صلى الله تعالى