لما الثانية، وحذف جواب الأولى للاستغناء عنه لذلك، وقال الفرّاء جواب لما الأولى فلما، وجواب الثانية كفر عَلَى الْكافِرِينَ أي عليهم يعني اليهود، ووضع الظاهر موضع المضمر ليدل أن اللعنة بسبب كفرهم، واللام للعهد أو للجنس، فيدخلون فيها مع غيرهم من الكفار بئسما فاعل بئس مضمر، وما مفسرة له، وأن يكفروا: هو المذموم وقال الفرّاء: بئسما مركب كحبّذا وقال الكاسي: ما مصدرية أي اشتراكهم فهي فاعلة
اشْتَرَوْا هنا بمعنى باعوا أَنْ يَكْفُرُوا في موضع خبر ابتداء، أو مبتدأ كاسم المذموم في بئس أو مفعول من أجله، أو بدل من الضمير في به بِما أَنْزَلَ اللَّهُ القرآن أو التوراة لأنهم كفروا بما فيها من ذكر محمد صلّى الله عليه واله وسلّم أَنْ يُنَزِّلَ في موضع مفعول من أجله مِنْ فَضْلِهِ القرآن والرسالة مَنْ يَشاءُ يعني محمد صلّى الله عليه واله وسلّم، والمعنى أنهم إنما كفروا حسدا لمحمد صلّى الله عليه واله وسلّم لما تفضل الله عليه بالرسالة بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ لعبادتهم العجل، أو لقولهم: عزير ابن الله، أو لغير ذلك من قبائحهم بِما أَنْزَلَ اللَّهُ القرآن بِما وَراءَهُ أي بما بعده وهو القرآن فَلِمَ تَقْتُلُونَ ردّا عليهم فيما ادّعوا من الإيمان بالتوراة، وتكذيب لهم، وذكر الماضي بلفظ المستقبل إشارة إلى ثبوته، فكأنه دائم لما رضي هؤلاء به إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ شرطية بمعنى القدح في إيمانهم، وجوابها يدل عليه ما قبل، أو نافية فيوقف قبلها والأوّل أظهر بِالْبَيِّناتِ يعني المعجزات: كالعصا، وفلق البحر، وغير ذلك اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ ذكر هنا على وجه ألزم لهم، والإبطال بقولهم:(نؤمن بما أنزل علينا) وكذلك رفع الطور، وذكر قبل هذا على وجه تعداد النعم لقوله: ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ، وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ [البقرة: ٥٢] وعطفه بثم في الموضعين إشارة إلى قبح ما فعلوه من ذلك مِنْ بَعْدِهِ الضمير لموسى عليه لسلام: أي من بعد غيبته في مناجاة الله على جبل الطور سَمِعْنا وَعَصَيْنا أي:
سمعنا قولك وعصينا أمرك، ويحتمل أن يكونوا قالوه بلسان المقال، أو بلسان الحال وَأُشْرِبُوا عبارة عن تمكن حب العجل في قلوبهم، فهو مجاز، تشبيها بشرب الماء، أو بشرب الصبغ في الثوب وفي الكلام محذوف أي أشربوا حب العجل وقيل: إن موسى برد العجل بالمبرد ورمى برادته في الماء فشربوه، فالشرب على هذا حقيقة، ويردّ هذا قوله: في