للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طرق للكواكب وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ يحتمل أن يريد بالخلق المخلوقين، أو المصدر

ماءً بِقَدَرٍ يعني المطر الذي ينزل من السماء، فتكون منه العيون والأنهار في الأرض، وقيل: يعني أربعة أنهار وهي النيل، والفرات، ودجلة، وسيحان، ولا دليل على هذا التخصيص، ومعنى بقدر: بمقدار معلوم لا يزيد عليه ولا ينقص منه وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ «١» يعني الزيتون، وإنما خص النخيل والأعناب والزيتون بالذكر: لأنها أكرم الشجر وأكثرها منافع، وطور سيناء: جبل بالشام وهو الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام، وينسب الزيتون إليه لأنها فيه كثيرة وسيناء اسم جبل أضافه إليه كقوله: جبل أحد، وقرأ الباقون: بفتح السين ولم ينصرف للتأنيث اللازم، وقرئ بالكسر، ولم ينصرف للعجمة أو للتأنيث مع التعريف، لأن فعلاء بالكسر لا تكون ألفه للتأنيث، وقيل: معناه مبارك، وقيل ذو شجرة، ويلزم على ذلك صرفه تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ يعني الزيت، وقرئ تنبت بفتح التاء، فالمجرور على هذا في موضع الحال. كقولك جاء زيد بسلاحه، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: تنبت بضم التاء وكسر الباء، وفيه ثلاثة أوجه: الأول أن أنبت بمعنى نبت، والثاني حذف المفعول تقديره تنبت ثمرتها بالدهن والثالث زيادة الباء وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ الصبغ الغمس في الإدام فِي الْأَنْعامِ هي الإبل والبقر والغنم والمقصود بالذكر الإبل، لقوله: وعليها وعلى الفلك تحملون وقد تقدم في [النحل: ٨٠] ذكر المنافع التي فيها وتذكيرها وتأنيثها.

ما هذا إِلَّا بَشَرٌ استبعدوا أن تكون النبوّة لبشر فيا عجبا منهم إذ أثبتوا الربوبية لحجر! يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ أي يطلب الفضل والرياسة عليكم ما سَمِعْنا بِهذا أي بمثل ما دعاهم إليه من عبادة الله، أو بمثل الكلام الذي قال لهم، وهذا يدل على أنه كان قبل نوح فترة طويلة بِهِ جِنَّةٌ أي جنون. فانظر اختلاف قولهم فيه: فتارة نسبوه إلى طلب الرياسة، وتارة إلى الجنون حَتَّى حِينٍ أي إلى وقت لم يعينوه، ولكن أرادوا وقت زوال جنونه على قولهم، أو وقت موته انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ تضمن هذا دعاء عليهم، لأن نصرته إنما هي


(١) . سيناء بكسر السين وهي قراءة نافع وابن كثير وأبو عمرو.

<<  <  ج: ص:  >  >>