بألفاظ الآية: وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ المحرمات بالمصاهرة أربع: وهن زوجة الأب، وزوجة الابن، وأم الزوجة، وبنت الزوجة، فأما الثلاث الأول فتحرم بالعقد دخل بها أم لم يدخل بها، وأما بنت الزوجة فلا تحرم إلّا بعد الدخول بأمها، فإن وطئها حرمت عليه بنتها بالإجماع، وإن تلذذ بها بما دون الوطء فحرّمها مالك والجمهور وإن عقد عليها ولم يدخل بها: لم تحرم بنتها إجماعا، وتحرم هذه الأربع بالرضاع كما تحرم بالنسب وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ الربيبة هي بنت امرأة الرجل من غيره: سميت بذلك لأنه يربيها فلفظها فعيلة بمعنى مفعولة، وقوله: اللاتي في حجوركم على غالب الأمر إذ الأكثر أن تكون الربيبة في حجر زوج أمّها، وهي محرّمة سواء كانت في حجره أم لا، هذا عند الجمهور من العلماء إلّا ما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه أجاز نكاحها إن لم تكن في حجره اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ اشترط الدخول في تحريم بنت الزوجة، ولم يشترط في غيرها، وعلى ذلك جمهور العلماء: إلّا ما روي عن علي بن أبي طالب أنه اشترط الدخول في تحريم الجميع، وقد انعقد الإجماع بعد ذلك وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الحلائل جمع حليلة وهي الزوجة الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ تخصيص ليخرج عنه زوجة الابن يتبناه الرجل، وهو أجنبي عنه كتزويج رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم زينب بنت جحش، امرأة زيد بن حارثة الكلبي الذي كان يقال له: زيد بن محمد صلّى الله تعالى عليه واله وسلّم وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ يقتضي تحريم الجمع بين الأختين سواء كانتا شقيقتين أو لأب أو لأم وذلك في الزوجتين، وأما الجمع بين الأختين المملوكتين في الوطء فمنعه مالك والشافعي وأبو حنيفة وغيرهم، ورأوا أنه داخل في عموم لفظ الأختين، وأجازه الظاهرية لأنهم قصروا الآية على الجمع بعقد النكاح، وأما الجمع بين الأختين في الملك دون وطء فجائز باتفاق إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ المعنى: إلّا ما فعلتم من ذلك في الجاهلية وانقطع بالإسلام فقد عفى عنكم فلا تؤاخذون به، وهذا أرجح الأقوال حسبما تقدم في الموضع الأول
وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ المراد هنا ذوات الأزواج، وهو معطوف على المحرمات المذكورة قبله، والمعنى أنه لا يحل نكاح المرأة إذا كانت في عصمة الرجل إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ يريد السبايا في أشهر الأقوال، والاستثناء متصل، والمعنى: أن المرأة الكافرة ذا كان لها زوج، ثم سبيت: جاز لمن ملكها من المسلمين أن يطأها، وسبب ذلك أن رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم بعث جيشا إلى أوطاس، فأصابوا سبايا من العدوّ لهنّ أزواج من المشركين، فتأثم المسلمون من غشيانهنّ، فنزلت الآية مبيحة لذلك