للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألى على وزن قضى وقيل: ألي على وزن أمد أو على وزن حصر، والخطاب للثقلين الإنس والجن بدليل قوله: سنفرغ لكم أيها الثقلان. روي أن هذه الآية لما قرأها رسول صلى الله عليه وسلم سكت أصحابه فقال: جواب الجن خير من سكوتكم. إني لما قرأتها على الجن قالوا: لا نكذب بشيء من آلاء ربنا «١» وكرر هذه الآية تأكيدا ومبالغة وقيل: إن كل موضع منها يرجع إلى معنى الآية التي قبله فليس بتأكيد، لأن التأكيد لا يزيد على ثلاث مرات

خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ الإنسان هو آدم، والصلصال الطين اليابس، فإذا طبخ فهو فخار وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ الجان الجن يعني إبليس والد الجن، والمارج اللهيب المضطرب من النار رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ يريد مشرق الشمس والقمر ومغرب الشمس والقمر. وقيل: مشرقي الصيف والشتاء ومغربيهما مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ ذكر في الفرقان، أي يلتقى ماء هذا وماء هذا، وذلك إذ نزل المطر في البحر على القول بأن البحر العذب هو المطر، وأما على القول بأن البحر العذب هو الأنهار والعيون، فالتقاؤهما بانصباب الأنهار في البحر، وأما على قول من قال إن البحرين بحر فارس وبحر الروم، أو بحر القلزم الأحمر واليمن فضعيف لقوله في الفرقان [٥٣] هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وكل واحد من هذه أجاج، والمراد بالبحرين في هذه السورة ما أراد في الفرقان بَيْنَهُما بَرْزَخٌ أي حاجز يعني جرم الأرض، أو حاجز من قدرة الله لا يَبْغِيانِ أي لا يبغي أحدهما على الآخر بالاختلاط، وقيل: لا يبغيان على الناس بالفيض.

يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ «٢» اللؤلؤ كبار الجوهر والمرجان صغاره، وقيل:

بالعكس وقيل: إن المرجان أحجار حمر، قال ابن عطية: وهذا هو الصواب «٣» وأما قوله منهما ولا يخرج إلا من أحدهما، فقد تكلمنا عليه في فاطر.

وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ يعني السفن وسماها منشآت لأن الناس ينشئونها، وقرأ حمزة وأبو بكر المنشئات بكسر الشين بمعنى أنها تنشئ السير أو تنشئ


(١) . روى الطبري هذا الحديث بسنده إلى عبد الله بن عمر.
(٢) . قوله: يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان. قرأ نافع وأبو عمر: يخرج بضم الياء.
(٣) . اللؤلؤ هي حبوب تستخرج من أصداف بحرية مخصوصة تسمى واحدتها المحارة وهي ذات ألوان فمنها الأبيض والأسود والزهري، وأما المرجان فهو عروق تنمو على بعض الصخور في البحر كعروق النبات ثم تقطع وتصير صلبة حمراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>