نذكر في هذه المقدمة الكلمات التي يكثر دورها في القرآن، أو تقع في موضعين فأكثر من الأسماء والأفعال والحروف، وإنما جمعناها في هذا الباب لثلاثة فوائد: أحدها:
تفسيرها للحفظ فإنها وقعت في القرآن متفرّقة فجمعها أسهل لحفظها، والثانية:
ليكون هذا الباب كالأصول الجامعة لمعاني التفسير لما أن تآليف القرآن جمعت فيها الأصول المطردة والكثيرة الدور، والثالثة:
الاقتصار فنستغني بذكرها هنا عن ذكرها في مواضعها من القرآن خوف التطويل بتكرارها، وربما نبهنا على بعضها للحاجة إلى ذلك، ورتبناها في هذا الكتاب على حروف المعجم، فمن لم يجد تفسير كلمة في موضعها من القرآن: فلينظر في هذا الباب، واعتبرنا في هذه الحروف: الحرف الذي يكون فاء الكلمة وهو الأصلي دون الحروف الزائدة في أوّل الكلمات.
[حرف الهمزة]
آية لها معنيان أحدهما: علامة وبرهان والثاني: آية من القرآن، وهي كلام متصل إلى الفاصلة، والفواصل هي رؤوس الآيات أتى بقصر الهمزة معناه جاء، ومضارعه يأتي، ومصدره إتيان، واسم الفاعل منه آت، واسم المفعول منه مأتي، ومنه قوله تعالى آتى بمدّ الهمزة معناه أعطى، ومضارعه يؤتي، واسم الفاعل مؤت، ومنه والمؤتون الزكاة أبى يأبى أي امتنع أثر الشيء بقيته وأمارته، وجمعه آثار والأثر أيضا الحديث، وأثارة من علم بقية، وأثاروا الأرض حرثوها وأثر الرجل الشيء يؤثره فضّله إثم ذنب، ومنه آثم وأثيم أي مذنب أجر ثواب وبمعنى الأجرة، ومنه استأجره وعلى أن تأجرني، وأما استجارك فأجره ويجركم من عذاب أليم، ومن يجيرني من الله، وهو يجير ولا يجار عليه: فذلك كله من الجوار بمعنى التأمين آمن إيمانا أي صدق، والإيمان في اللغة التصديق مطلقا، وفي الشرع التصديق بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والمؤمن في الشرع المصدّق بهذه الأمور، والمؤمن اسم الله تعالى: أي المصدّق لنفسه وقيل إنه من الأمن: أي يؤمن أوليائه من عذابه، وأمن بقصر الهمزة وكسر الميم أمنا وأمانة: ضدّ الخوف وأمن من الأمانة، وأمّن غيره من التأمين أليم مؤلم أي موجع ومنه تألمون إمام له أربعة معان: القدوة والكتاب، والطريق، وجمع أمّ أي تابع، وهي للمتقين إماما أمّة لها أربعة معان: الجماعة من الناس، والدين والحين، والإمام أي القدوة أميّ لا يقرأ ولا يكتب، ولذلك وصف العرب بالأميين أم لها معنيان الوالدة،