للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هي كلام مستأنف والمعنى على هذا أن محيا المؤمنين ومماتهم سواء وأن محيا الكفار ومماتهم سواء لأن كل واحد يموت على ما عاش عليه، وهذا المعنى بعيد، والصحيح أنها من تمام ما قبلها على المعنى الذي اخترناه، وأما إعرابها فمن قرأ سواء بالرفع فهو مبتدأ وخبره محياهم ومماتهم، والجملة بدل من الجار والمجرور الواقع مفعولا ثانيا لنجعل، ومن قرأ سواء «١» بالنصب فهو حال أو مفعول ثان لنجعل، ومحياهم فاعل بسواء، لأنه في معنى مستوى ساءَ ما يَحْكُمُونَ

أي ساء حكمهم في تسويتهم بين أنفسهم وبين المؤمنين

لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ معطوف على قوله بالحق، لأن فيه معنى التعليل، أو على تعليل محذوف تقديره:

خلق الله السموات والأرض ليدل بهما على قدرته ولتجزى كل نفس بما كسبت.

اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أي أطاعه حتى صار له كالإله وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ أي علم من الله سابق، وقيل: على علم من هذا الضال بأنه على ضلال، ولكنه يتبع الضلال معاندة خَتَمَ ذكر في البقرة [٧] فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ قال ابن عطية: فيه حذف مضاف تقديره: من بعد إضلال الله إياه، ويحتمل أن يريد فمن يهديه غير الله وَقالُوا الضمير لمن اتخذ إلهه هواه أو لقريش نَمُوتُ وَنَحْيا فيه أربع تأويلات: أحدها أنهم أرادوا يموت قوم ويحيا قوم، والآخر نموت نحن ويحيا أولادنا، الثالث نموت حين كنا عدما أو نطفا، ونحيا في الدنيا، والرابع نموت الموت المعروف، ونحيا قبله في الدنيا فوقع في اللفظ تقديم وتأخير، ومقصودهم على كل وجه إنكار الآخرة، ويظهر أنهم كانوا على مذهب الدهرية [الملاحدة] لقولهم: وما يهلكنا إلا الدهر «٢» ، فردّ الله عليهم بقوله: وما لهم بذلك من علم الآية قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا ذكر في الدخان [٣٦] قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ الآية: ردّ على المنكرين للحشر والاستدلال على وقوعه بقدرة الله تعالى على الإحياء والإماتة.

وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً أي تجثو على الركب، وتلك هيئة الخائف الذليل


(١) . قرأ حمزة والكسائي وحفص بالنصب والباقون بالرفع.
(٢) . الدهر: باصطلاح الفلاسفة هو الزمان. وأما شرعا فقد ورد الحديث: لا تسبّوا الدهر فإن الله هو الدهر. رواه أحمد عن أبي هريرة ج ٢ ص: ٣٩٥ ويكون معنى الحديث: الله سبحانه هو خالق الزمان وكل ما يجري فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>