المنفيات، وقوله: بِأَفْواهِكُمْ تأكيد لبطلان القول
ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ الضمير للأدعياء، أي انسبوهم لآبائهم الذين ولدوهم النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ يقتضي أن يحبوه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أكثر مما يحبون أنفسهم، وأن ينصروا دينه أكثر مما ينصرون أنفسهم وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ جعل الله تعالى لأزواج النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم حرمة الأمهات في تحريم نكاحهن ووجوب مبرتهن، ولكن أوجب حجبهن عن الرجال.
وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ هذا نسخ لما كان في صدر الإسلام من التوارث بأخوة الإسلام، وبالهجرة وقد تكلمنا عليها في الأنفال فِي كِتابِ اللَّهِ يحتمل أن يريد القرآن، أو اللوح المحفوظ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يحتمل أن يكون بيانا لأولى الأرحام أو يتعلق بأولي: أي أولو الأرحام أولى بالميراث من المؤمنين، الذين ليسوا بذوي أرحام إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً يريد الإحسان إلى الأولياء الذين ليسوا بقرابة، ونفعهم في الحياة والوصية لهم عند الموت فذلك جائز، ومندوب إليه، وإن لم يكونوا قرابة، وأما الميراث فللقرابة خاصة، واختلف هل يعني بالأولياء المؤمنين خاصة، أو المؤمنين والكافرين؟ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً يعني القرآن أو اللوح المحفوظ وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ هو الميثاق بتبليغ الرسالة والقيام بالشرائع، وقيل: هو الميثاق الذي أخذه حين أخرج بني آدم من صلب آدم كالذر، والأول أرجح لأنه هو المختص بالأنبياء وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ قد دخل هؤلاء في جملة النبيين، ولكنه خصهم بالذكر تشريفا لهم، وقدم محمدا صلى الله عليه وآله وسلم تفضيلا له مِيثاقاً غَلِيظاً يعني الميثاق المذكور، وإنما كرره تأكيدا، وليصفه بأنه غليظ أي وثيق ثابت يجب الوفاء به لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ اللام تحتمل أن تكون لام كي أو لام الصيرورة، والصدق هنا يحتمل أن يكون الصدق في الأقوال، أو الصدق في الأفعال والعزائم ويحتمل أن يريد بالصادقين الأنبياء وغيرهم من المؤمنين.
اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ هذه الآية وما بعدها نزلت في قصة غزوة الخندق، والجنود المذكورة هم قريش ومن كان معهم من الكفار، وسماهم الله في هذه السورة الأحزاب، وكانوا نحو عشرة آلاف، حاصروا المدينة وحفر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الخندق حولها ليمنعهم من دخولها فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً أرسل الله عليهم ريح الصبا، فأطفأت نيرانهم وأكفأت قدورهم، ولم يمكنهم معها قرار فانصرفوا خائبين