مكية إلا من آية ١ إلى غاية ١١ فمدنية وآياتها ٦٩ نزلت بعد الروم بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سورة العنكبوت) الم ذكر في البقرة أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا نزلت في قوم من المؤمنين، كانوا بمكة مستضعفين منهم عمار بن ياسر وغيره، وكان كفار قريش يؤذونهم ويعذبونهم على الإسلام، فضاقت صدورهم بذلك. فآنسهم الله بهذه الآية، ووعظهم وأخبرهم أن ذلك اختبار، ليوطنوا أنفسهم على الصبر على الأذى، والثبوت على الإيمان، فأعلمهم الله تعالى أن تلك سيرته في عباده، يسلط الكفار على المؤمنين ليمحصهم بذلك، ويظهر الصادق في إيمانه من الكاذب، ولفظها مع ذلك عام، فحكمها على العموم في كل من أصابته فتنة، من مصيبة أو مضرة في النفس والمال وغير ذلك، ومعنى حسب ظنّ، وأن يتركوا مفعولها، والهمزة للإنكار، وهم لا يفتنون في موضع الحال من الضمير في يتركوا تقديره غير مفتونين، وأن يقولوا: تعليل في موضع المفعول من أجله فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا أي يعلم صدقهم علما ظاهرا في الوجود، وقد كان علمه في الأزل والصدق والكذب في الآية يعني بهما صحة الإيمان والثبوت عليه، أو ضدّ ذلك.
أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا أم معادلة لقوله: أحسب الناس، والمراد بالذين يعملون السيئات الكفار، الذين يعذبون المؤمنين، ولفظها مع ذلك عام في كل كافر أو عاص، ومعنى يسبقونا: يفوتون من عقابنا ويعجزوننا، فمعنى الكلام نفي سبقهم. كما أن معنى الآية قبلها، نفي ترك المؤمنين بغير فتنة مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ الآية: تسلية المؤمنين، ووعد لهم بالخير في الدار الآخرة، والرجاء هنا على بابه، وقيل:
هو بمعنى الخوف، وأجل الله هو الموت، ومعنى الآية: من كان يرجو ثواب الله فليصبر في الدنيا، على المجاهدة في طاعة الله حتى يلقى الله، فيجازيه فإن لقاء الله قريب الإتيان، وكل ما هو آت قريب
وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ أي منفعة جهاده فإنما هي لنفسه،