الأدنون فمضر وربيعة وأمثالها شعوبا، وقريش قبيلة، وبني عبد مناف بطن، وبنو هاشم فخذ، ويقال بإسكان الخاء فرقا بينه وبين الجارحة، وبنو عبد المطلب فصيلة. وقيل:
الشعوب في العجم والقبائل في العرب والأسباط في بني إسرائيل، ومعنى لتعارفوا ليعرف بعضكم بعضا
قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا نزلت في بني أسد بن خزيمة، وهي قبيلة كانت تجاور المدينة أظهروا الإسلام، وكانوا إنما يحبون المغانم وعرض الدنيا، فأكذبهم الله في قولهم آمنا وصدقهم لو قالوا أسلمنا، وهذا على أن الإيمان هو التصديق بالقلب، والإسلام هو الانقياد بالنطق بالشهادتين، والعمل بالجوارح فالإسلام والإيمان في هذا الموضع متباينان في المعنى، وقد يكونان متفقان، وقد يكون الإسلام أعم من الإيمان فيدخل فيه الإيمان حسبما ورد في مواضع أخر وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً معنى لا يلتكم لا ينقصكم شيئا من أجور أعمالكم، وفيه لغتان يقال لات وعليه قراءة نافع لا يلتكم بغير همز، ويقال: ألت وعليه قراءة أبو عمرو لا يألتكم بهمزة قبل اللام، فإن قيل: كيف يعطيهم أجور أعمالهم وقد قال: إنهم لم يؤمنوا ولا يقبل عمل إلا من مؤمن؟ فالجواب:
أن طاعة الله ورسوله تجمع صدق الإيمان وصلاح الأعمال، فالمعنى إن رجعتم عما أنتم عليه من الإيمان بألسنتكم دون قلوبكم، وعملتم أعمالا صالحة فإن الله لا ينقصكم منها شيئا ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا أي لم يشكوا في إيمانهم وفي ذلك تعريض بالأعراب المذكورين بأنهم في شك وكذلك قوله في هؤلاء: أولئك هم الصادقون تعريض أيضا بالأعراب إذ كذبوا في قولهم آمنا. وإنما عطف ثم لم يرتابوا بثم إشعارا بثبوت إيمانهم في الأزمنة المتراخية المتطاولة وَجاهَدُوا يريد جهاد الكفار، لأنه دليل على صحة الإيمان، ويبعد أن يريد جهاد النفس والشيطان لقوله: بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا نزلت في بني أسد أيضا فإنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إنا آمنا بك واتبعناك ولم نحاربك كما فعلت هوازن وغطفان وغيرهم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ أي هداكم للإيمان على زعمكم، ولذلك قال: إن كنتم صادقين، ويمنّ عليكم يحتمل أن يكون بمعنى ينعم عليكم أو بمعنى: يذكر إنعامه، وهذا أحسن لأنه في مقابلة يمنون عليك.