للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي عاقبة

فَاخْتَلَطَ الباء سببية، والمعنى: صار به النبات مختلطا: أي ملتفا بعضه ببعض من شدة تكاثفه فَأَصْبَحَ هَشِيماً أي متفتتا، وأصبح هنا بمعنى صار تَذْرُوهُ الرِّياحُ أي تفرقه ومعنى المثل: تشبيه الدنيا في سرعة فنائها بالزرع في فنائه بعد خضرته.

الْمالُ وَالْبَنُونَ الآية: هذا من الجمع بين شيئين في خبر واحد، وذلك من أدوات البيان، وقرئ زينتا بالتثنية لأنه خبر عن اثنين، وأما قراءة الجمهور فأفردت فيه الزينة لأنها مصدر وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ هي سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. هذا قول الجمهور، وقد روى ذلك عن النبي صلّى الله عليه واله وسلّم، وقيل الصلوات الخمس، وقيل: الأعمال الصالحات على الإطلاق «١» نُسَيِّرُ الْجِبالَ أي نحملها، ومنه قوله: وهي تمر مر السحاب، وبعد ذلك تصير هباء وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً أي ظاهرة لزوال الجبال عنها وَحَشَرْناهُمْ قال الزمخشري: إنما جاء حشرناهم بلفظ الماضي بعد قوله: نسير للدلالة على أن حشرناهم قبل تسيير الجبال ليعاينوا تلك الأهوال فَلَمْ نُغادِرْ أي لم نترك فًّا

أي صفوفا فهو إفراد تنزل منزلة الجمع، وقد جاء في الحديث: إن أهل الجنة مائة وعشرون صفا أنتم منها ثمانون صفا «٢» قَدْ جِئْتُمُونا

يقال هذا للكفار على وجه التوبيخ ما خَلَقْناكُمْ

أي حفاة عراة غرلا [غير مختونين] وَوُضِعَ الْكِتابُ يعني صحائف الأعمال، فالكتاب اسم جنس كانَ مِنَ الْجِنِّ كلام مستأنف جرى مجرى التعليل لأباية إبليس عن السجود، وظاهر هذا الموضع يقتضي أن إبليس لم يكن من الملائكة، وأن استثناءه منهم استثناء منقطع، فإن الجن صنف غير الملائكة، وقد يجيب عن ذلك من قال: إنه كان من الملائكة بأن كان هنا بمعنى صار: أي خرج من صنف الملائكة إلى صنف الجن، أو بأن الملائكة كان منهم قوم يقال لهم الجن وهم الذين خلقوا من نار فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ: أي خرج عن ما أمر به، والفسق في اللغة: الخروج أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ: هذا توبيخ ووعظ، وذرية إبليس هم الشياطين واتخاذهم أولياء بطاعتهم في


(١) . انظر الطبري لدى تفسيره لهذه الآية فقد أسند هذه الأقوال لابن عباس وغيره.
(٢) . أخرجه أحمد من حديث عبد الله بن مسعود ج أول ص ٥٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>