فمن قال إنه كان في اليقظة، فالرؤيا بمعنى الرؤية بالعين، ومن قال إنه كان في المنام فالرؤيا منامية، والفتنة على هذا تكذيب الكفار بذلك وارتداد بعض المسلمين حينئذ، وقيل:
إنها رؤيا النبي صلّى الله عليه وسلّم في منامه هزيمة الكفار وقتلهم ببدر، والفتنة على هذا تكذيب قريش بذلك، وقيل: إنه رأى أنه يدخل مكة فعجل في سنة الحديبية فرد عنها فافتتن بعض المسلمين بذلك وقيل: رأى في المنام أن بني أمية يصعدون على منبره فاغتم بذلك وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ يعنى شجرة الزقوم، وهي معطوفة على الرؤيا أي جعل الرؤيا والشجرة فتنة للناس، وذلك أن قريشا لما سمعوا أن في جهنم شجرة زقوم سخروا من ذلك وقالوا: كيف تكون شجرة في النار والنار تحرق الشجر؟ وقال أبو جهل: ما أعرف الزقوم إلا التمر بالزبد، فإن قيل: لم لعنت شجرة الزقوم في القرآن؟ فالجواب أن المراد لعنة آكلها، وقيل: اللعنة بمعنى الإبعاد لأنها في أصل الجحيم وَنُخَوِّفُهُمْ الضمير لكفار قريش طُغْياناً تمييز أو حال من من أو من مفعول خلقت قالَ أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ الكاف من أرأيتك للخطاب، لا موضع لها من الإعراب، وهذا مفعول بأرأيت، والمعنى أخبرني عن هذا الذي كرمته عليّ أي فضلته وأنا خير منه، فاختصر الكلام بحذف ذلك، وقال ابن عطية: أرأيتك هذا بمعنى: أتأملت ونحوه لا بمعنى أخبرني لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ معناه لأستولين عليهم ولأقودنهم، وهو مأخوذ من تحنيك الدابة، وهو أن يشدّ على حنكها بحبل فتنقاد قالَ اذْهَبْ قال ابن عطية، وما بعده من الأوامر: صيغة أمر على وجه التهديد، وقال الزمخشري: ليس المراد الذهاب الذي هو ضدّ المجيء، وإنما معناه: امض لشأنك الذي اخترته خذلانا له وتخلية، ويحتمل عندي: أن يكون معناه للطرد والإبعاد فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ كان الأصل أن يقال جزاؤهم بضمير الغيبة، ليرجع إلى من اتبعك، ولكنه ذكره بلفظ المخاطب تغليبا للمخاطب على الغائب، وليدخل إبليس معهم جَزاءً مَوْفُوراً مصدر في موضع الحال والموفور المكمل.
وَاسْتَفْزِزْ أي اخدع واستخف بِصَوْتِكَ قيل: يعنى الغناء والمزامير، وقيل:
الدعاء إلى المعاصي وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ أي هوّل، وهو من الجلبة وهي الصياح بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ الخيل هنا يراد بها الفرسان الراكبون على خيل، والرّجل: جمع راجل وهو الذي يمشي على رجليه فقيل: هو مجاز واستعارة بمعنى: افعل جهدك، وقيل: إن له من الشيطان خيلا ورجلا، وقيل: المراد فرسان الناس ورجالتهم المتصرفون في الشر وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ مشاركته في الأموال بكسبها من الربا، وإنفاقها في