وقيل:«هو عطف على الصلاة» وقيل: مفعول بفعل مضمر تقديره: اقرأ قرآن الفجر، وإنما عبر عن صلاة الصبح بقرآن الفجر، لإن القرآن فيها أكثر من غيرها لأنها تصلّى بسورتين طويلتين إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً أي تشهده ملائكة الليل والنهار، فيجتمعون فيه إذ تصعد ملائكة الليل وتنزل ملائكة النهار
وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ لما أمر بالفرائض أمر بعدها بالنوافل، ومن للتبعيض، والضمير في به للقرآن والتهجد السهر وهو ترك الهجود، ومعنى الهجود: النوم فالتفعل هنا للخروج عن الشيء كالتحرج والتأثم: في الخروج عن الإثم والحرج عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً يعنى الشفاعة يوم القيامة، وانتصب مقاما على الظرف وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ الآية: المدخل: دخوله إلى المدينة، والمخرج خروجه من مكة، وقيل:
المدخل في القبر، والمخرج إلى البعث، واختار ابن عطية أن يكون على العموم في جميع الأمور سُلْطاناً نَصِيراً قيل: معناه حجة تنصرني بها ويظهر بها صدقي، وقيل: قوة ورئاسة تنصرني بها على الأعداء وهذا أظهر وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ الحق الإيمان والباطل الكفر وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ من للتبعيض، أو لبيان الجنس، والمراد بالشفاء أنه يشفي القلوب من الريبة والجهل، ويحتمل أن يريد نفعه من الأمراض بالرقيا به والتعويذ وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ الآية:
المراد بالإنسان هنا الجنس، لأن ذلك من سجية الإنسان، وقيل: إنما يراد الكافر لأنه هو الذي يعرض عن الله وَنَأى بِجانِبِهِ أي بعد، وذلك تأكيد وبيان للإعراض، وقرأ ابن عامر ناء وهو بمعنى واحد كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ أي مذهبه وطريقته التي تشاكله.
وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ السائلون اليهود، وقيل: قريش بإشارة اليهود، والروح هنا عند الجمهور هو الذي في الجسم، وقد يقال فيه: النفس وقيل: الروح هنا جبريل، وقيل:
القرآن، والأول هو الصواب لدلالة ما بعده على ذلك قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي أي من الأمور التي استأثر الله بها ولم يطلع عليها خلقه، وكانت اليهود قد قالت لقريش اسألوه عن الروح، فإن لم يجبكم فيه بشيء فهو نبيّ، وذلك أنه كان عندهم في التوراة أن الروح مما انفرد الله بعلمه، وقال ابن بريدة: لقد مضى النبي صلّى الله عليه وسلّم وما يعرف الروح، ولقد كثر اختلاف الناس في النفس والروح، وليس في أقوالهم في ذلك ما يعول عليه وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا خطاب عام لجميع الناس، لأن علمهم قليل بالنظر إلى علم الله. وقيل: خطاب لليهود خاصة، والأول أظهر، لأن فيه إشارة إلى أنهم لا يصلون إلى العلم بالروح وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أي إن شئنا ذهبنا بالقرآن فمحوناه من الصدور