كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ قيل شبههن في اللون ببيض النعام، فإنه بياض خالطه صفرة حسنة، وكذلك قال امرؤ القيس:
كبكر مقناة البياض بصفرة
وقيل: إنما التشبيه بلون قشر البيضة الداخلي الرقيق، وهو المكنون المصون تحت القشرة الأولى، وقيل: أراد الجوهر المصون.
فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ هذا إخبار عن تحدّث أهل الجنة. قال الزمخشري: هذه الجملة معطوفة على يطاف عليهم، والمعنى: أنهم يشربون فيتحدّثون على الشراب، بما جرى لهم في الدنيا إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ قيل: إن هذا القائل وقرينه من البشر، مؤمن وكافر، وقيل: إن قرينه كان من الجن يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ معناه أنه كان يقول له على وجه الإنكار: أتصدق بالدنيا والآخرة؟ لَمَدِينُونَ أي مجازون ومحاسبون على الأعمال، ووزنه مفعول، وهو من الدين، بمعنى الجزاء والحساب قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ أي قال ذلك القائل لرفقائه في الجنة، أو للملائكة أو لخدامه: هل أنتم مطلعون على النار لأريكم ذلك العزيز فيها؟ وروي أن في الجنة كوى ينظرون أهلها منها إلى النار فِي سَواءِ الْجَحِيمِ أي في وسطها قالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ أي تهلكني بإغوائك، والردى الهلاك، وهذا خطاب خاطب به المؤمن قرينه الذي في النار مِنَ الْمُحْضَرِينَ في العذاب أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ هذا من كلام المؤمن، خطاب لقرينه، أو خطابا لرفقائه في الجنة ولهذا قال نحن فأخبر عن نفسه وعنهم، ويحتمل أن يكون من كلامه وكلامهم جميعا إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ يحتمل أن يكون من كلام المؤمن، أو من كلامه وكلام رفقائه في الجنة أو من كلام الله تعالى، وكذلك يحتمل هذه الوجوه في قوله «لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ» والأول أرجح فيه أن يكون من كلام الله تعالى، لأن الذي بعده من كلام الله فيكون متصلا به، ولأن الأمر بالعمل إنما هو حقيقة في الدنيا ففيه تحضيض على العمل الصالح.
أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ الإشارة بذلك إلى نعيم الجنة، وكل ما ذكر من وصفها، وقال الزمخشري: الإشارة إلى قوله رزق معلوم، والنزل الضيافة، وقيل: الرزق الكثير وجاء التفضيل هنا بين شيئين، ليس بينهما اشتراك، لأن الكلام تقرير وتوبيخ إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ قيل: سببها أن أبا جهل وغيره لما سمعوا ذكر شجرة الزقوم،