خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً إن أراد بالبشر آدم فالمراد بالماء الماء الذي خلق به مع التراب فصار طينا، وإن أراد بالبشر بني آدم، فالمراد بالماء المنيّ الذي يخلقون منه فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً النسب والصهر يعمّان كل قربى: أي كل قرابة، والنسب أن يجتمع إنسان مع آخر في أب أو أمّ قرب ذلك أو بعد، والصهر هو الاختلاط بالنكاح، وقيل: أراد بالنسب الذكور، أي ذوي نسب ينتسب إليهم، وأراد بالصهر الإناث: أي ذوات صهر يصاهر بهنّ، وهو كقوله: فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى [القيامة: ٣٩] وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً الكافر هنا الجنس، وقيل: المراد أبو جهل، والظهير: المعين أي يعين الشيطان على ربه بالعداوة والشرك، ولفظه يقع للواحد والجماعة كقوله: وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ [التحريم: ٤] قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ أي لا أسئلكم على الإيمان أجرة ولا منفعة إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا معناه إنما أسألكم أن تتخذوا إلى ربكم سبيلا بالتقرب إليه وعبادته، فالاستثناء منقطع، وقيل: المعنى أن تتخذوا إلى ربكم سبيلا بالصدقة، فالاستثناء على هذا متصل، والأول أظهر، وفي الكلام محذوف تقديره: إلا سؤال من شاء وشبه ذلك.
وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ قرأ هذه الآية بعض السلف فقال: لا ينبغي لذي عقل أن يثق بعدها بمخلوق فإنه يموت وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ أي قل سبحان الله وبحمده، والتسبيح التنزيه عن كل ما لا يليق به، ومعنى بحمده أي: بحمده أقول ذلك، ويحتمل أن يكون المعنى سبحه متلبسا بحمده، فهو أمر بأن يجمع بين التسبيح والحمد وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً يحتمل أن يكون المراد بهذا بيان حلمه وعفوه عن عباده مع علمه بذنوبهم، أو يكون المراد تهديد العباد لعلم الله بذنوبهم اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ذكر في [الأعراف: ٥٣] الرَّحْمنُ خبر ابتداء مضمر، أو بدل من الضمير في استوى فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً فيه معنيان: أحدهما وهو الأظهر: أن المراد اسأل عنه من هو خبير عارف به، وانتصب خبيرا على المفعولية، وهذا الخبير المسؤول هو جبريل عليه السلام والعلماء، وأهل الكتاب، والباء في قوله به: يحتمل أن تتعلق بخبيرا، أو تتعلق بالسؤال، ويكون معناها على هذا معنى عن، والمعنى الثاني: أن المراد اسأل بسؤاله خبيرا أي إن سألته تعالى تجده خبيرا بكل شيء، فانتصب خبيرا على الحال، وهو كقولك: لو رأيت فلانا رأيت به أسدا: أي رأيت برؤيته أسدا
قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ لما ذكر الرحمن في القرآن أنكرته قريش، وقالوا:
لا نعرف الرحمن، وكان مسيلمة الكذاب قد تسمى بالرحمن، فقالوا على وجه المغالطة:
إنما الرحمن الرجل الذي باليمامة أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا تقديره لما تأمرنا أن نسجد له