للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: معنى من خلفه في زمانه قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ أي قل: إن العذاب الذي قلتم ائتنا به ليس لي علم متى يكون، وإنما يعلمه الله، وما عليّ إلا أن أبلغكم ما أرسلت به فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ العارض السحاب الذي يعرض في أفق السماء، والضمير في رأوه يعود على ما تعدنا أو على المرئي المبهم الذي فسره قوله عارضا قال الزمخشري: وهذا أعرب وأفصح، وروي أنهم كانوا قد قحطوا مدّة، فلما رأوا هذا العارض ظنوا أنه مطر ففرحوا به فقال لهم هود عليه السلام: بل هو ما استعجلتم به من العذاب وقوله: ريح بدل من ما استعجلتم أو خبر ابتداء مضمر تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها «١» عموم يراد به الخصوص وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ هذا خطاب لقريش على وجه التهديد أي مكنا عادا فيما لم نمكنكم فيه من القوة والأموال وغير ذلك، ثم أهلكنا لما كفروا وإن هنا نافية بمعنى ما، وعدل عن ما كراهية لاجتماعها مع التي قبلها، وقيل: إن شرطية، وجوابها محذوف تقديره: إن مكنّاكم فيه طغيتم، قال ابن عطية: وهذا تنطع في التأويل وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى يعني بلاد عاد وثمود وسبأ وغيرها، والمراد إهلاك أهلها فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الآية عرض معناه النفي أي لم تنصرهم آلهتهم التي عبدوا من دون الله قُرْباناً أي تقربوا بهم إلى الله وقالوا هؤلاء شفعاؤنا عند الله، وانتصاب قربانا على الحال، ولا يصح أن يكون قربانا مفعولا ثانيا لاتخذوا وآلهة بدل منه لفساد المعنى، قاله الزمخشري، وقد أجازه ابن عطية بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ أي تلفوا لهم «٢» وغابوا عن نصرهم حين احتاجوا إليهم.

وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ أي أملناهم نحوك، والنفر دون العشرة، وروي أن الجن كانوا سبعة وكانوا كلهم ذكرانا، لأن النفر الرجال دون النساء، وكانوا من أهل نصيبين، وقيل من أهل الجزيرة «٣» ، واختلف هل رآهم النبي صلى الله عليه وسلم؟ قيل: إنه لم يرهم، ولم


(١) . قوله فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم. هكذا قرأها عاصم وحمزة وقرأها الباقون: لا ترى إلا مساكنهم.
(٢) . كذا في المطبوعة ولعل ثمة خطأ وصحته: خذلوهم. أو ما أشبه والله أعلم.
(٣) . هي الجزيرة الفراتية وتقع في الزاوية الشرقية الشمالية من بلاد الشام على الحدود التركية الحالية.

<<  <  ج: ص:  >  >>