قطعا للأعمال والتصرف. والسبت: القطع. وقيل: معناه موتا لأن النوم هو الموت الأصغر، ومنه قوله تعالى اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها [الزمر: ٤٢]
وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً شبهه بالثياب التي تلبس لأنه ستر عن العيون وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً أي تطلب فيه المعيشة، فهو على حذف مضاف تقديره ذا معاش، وقال الزمخشري: معناه يعاش فيه فجعله بمعنى الحياة في مقابلة السبات، الذي بمعنى الموت وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً يعني السموات وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً يعني الشمس.
والوهّاج الوقاد الشديد الإضاءة، وقيل: الحار الذي يضطرم من شدة لهبه وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً يعني: المطر. والمعصرات: هي السحاب وهو مأخوذ من العصر لأن السحاب ينعصر فينزل منه الماء أو من العصرة بمعنى الإغاثة. ومنه: وفيه يعصرون، وقيل: هي السموات وقيل: الرياح والثجّاج السريع الاندفاع لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَباتاً الحب هو القمح والشعير وسائر الحبوب والنبات هو العشب وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً أي ملتفة وهو جمع لف بضم اللام، وقيل: بالكسر وقيل: لا واحد له كانَ مِيقاتاً أي في وقت معلوم.
يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ يعني نفخة القيام من القبور فَتَأْتُونَ أَفْواجاً أي جماعات فَكانَتْ أَبْواباً «١» أي تنفخ فتكون فيها شقاق كالأبواب وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ أي حملت فَكانَتْ سَراباً عبارة عن تلاشيها وفنائها والسراب في اللغة: ما يظهر على البعد أنه ماء، وليس ذلك المراد هنا وإنما هو تشبيه في أنه لا شيء مِرْصاداً أي موضع المرصاد والرصد هو الارتقاب والانتظار، أي تنتظر الكفار ليدخلوها وقيل: معناه طريقا للمؤمنين يمرون عليه إلى الجنة لأن الصراط منصوب على جهنم مَآباً أي مرجعا لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً
جمع حقبة أو حقب وهي المدة الطويلة من الدهر غير محدودة، وقيل إنها محدودة ثم اختلف في مقدارها، فروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها ثمانون ألف سنة، وقال ابن عباس:
ثلاثون سنة وقيل ثلاثمائة سنة، وعلى القول بالتحديد فالمعنى أنهم يبقون فيها أحقابا، كلما انقضى حقب جاء آخر إلى غير نهاية وقيل: إنه كان يقتضي أن مدة العذاب تنقضي، ثم نسخ بقوله:«فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً» وهذا خطاب لأن الأخبار لا تنسخ، وقيل: هي في عصاة المؤمنين الذين يخرجون من النار، وهذا خطأ لأنها في الكفار لقوله: وكذبوا بآياتنا وقيل: معناها أنهم يبقون أحيانا لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا، ثم يبدل لهم نوع آخر
(١) . أول الآية: وفتحت السماء قرأ عاصم وحمزة والكسائي بالتخفيف وقرأ الباقون بالتشديد: وفتّحت.