للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ الظهير المعين، والباء سببية، والمعنى بسبب إنعامك عليّ: لا أكون ظهيرا للمجرمين، فهي معاهدة عاهد موسى عليها ربه، وقيل الباء باء القسم، وهذا ضعيف لأن قوله: فلن أكون لا يصلح لجواب القسم، وقيل: جواب القسم محذوف تقديره: وحق نعمتك لأتوبن فلن أكون ظهيرا للمجرمين، وقيل الباء للتحليف: أي اعصمني بحق نعمتك عليّ، فلن أكون ظهيرا للمجرمين، ويحتج بهذه الآية على المنع من صحبة ولاة الجور يَتَرَقَّبُ في الموضعين أي يستحس هل يطلبه أحد يَسْتَصْرِخُهُ أي يستغيث به، لقي موسى الإسرائيليّ الذي قاتل القبطي بالأمس يقاتل رجلا آخر من القبط، فاستغاث بموسى لينصره كما نصره بالأمس، فعظم ذلك على موسى وقال له: إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما الضمير في أراد وفي يبطش لموسى، وفي قال للإسرائيلي، والمعنى لما أراد موسى أن يبطش بالقبطي الذي هو عدوّ له وللإسرائيلي: ظن الإسرائيلي أنه يريد أن يبطش به إذ قال له إنك لغوي مبين، فقال الإسرائيلي لموسى: أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس؟ وقيل: الضمير في أراد للإسرائيلي، والمعنى فلما أراد الإسرائيلي أن يبطش موسى بالقبطي، ولم يفعل موسى ذلك لندامته على قتله الآخر بالأمس، فنصح الإسرائيلي، فقال له: أتريد أن تقتلني فاشتهر خبر قتله للآخر إلى أن وصل إلى فرعون وَجاءَ رَجُلٌ قيل: إنه مؤمن آل فرعون، وقيل: غيره يَسْعى أي يسرع في مشيه ليدرك موسى فينصحه إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ يتشاورون، وقيل: يأمر بعضهم بعضا بقتلك كما قتلت القبطي.

وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ أي قصد بوجهه ناحية مدين وهي مدينة شعيب عليه السلام قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ أي وسط الطريق يعني طريق مدين، إذ كان قد خرج فارّا بنفسه، وكان لا يعرف الطريق، وبين مصر ومدين مسيرة ثمانية أيام، وقيل:

أراد سبيل الهدى وهذا أظهر، ويدل كلامه هذا على أنه كان عارفا بالله قبل نبوته وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ أي وصل إليه وكان بئرا يَسْقُونَ أي يسقون مواشيهم امْرَأَتَيْنِ روي أن اسمهما ليا وصفوريا، وقيل: صفيرا وصفرا تَذُودانِ أي تمنعان الناس عن غنمهما، وقيل: تذودان غنمهما عن الماء حتى يسقي الناس، وهذا أظهر لقولهما: لا نسقي حتى يصدر الرعاء: أي كانت عادتهما ألا يسقيا غنمهما إلا بعد الناس لقوة الناس ولضعفهما، أو لكراهتهما التزاحم مع الناس يُصْدِرَ بضم الياء وكسر الدال فعل متعدّ، والمفعول

<<  <  ج: ص:  >  >>