الزوجة لزوجها عند مالك، خلافا لأبي حنيفة والمعتبر في ذلك نية المحلل لا نية المرأة، ولا المحلل له، وقال قوم: من نوى التحليل منهم أفسد فَإِنْ طَلَّقَها يعني هذا الزوج الثاني فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أي على الزوجة والزوج الأوّل أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ أي أوامره فيما يجب من حقوق الزوجة وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ الآية خطاب للأزواج، وهي نهي عن أن يطول الرجل العدّة على المرأة مضارة منه لها، بل يرتجع قرب انقضاء العدّة، ثم يطلق بعد ذلك، ومعنى فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ في هذا الموضع: قاربن انقضاء العدّة، وليس المراد انقضاؤها، لأنه ليس بيده إمساك حينئذ، ومعنى أمسكوهنّ راجعوهنّ بمعروف هنا قبل: هو الإشهاد وقيل: النفقة وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ الآية: هذه الأخرى خطاب للأولياء، وبلوغ الأجل هنا: انقضاء العدّة فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أي لا تمنعوهن أن ينكحن أزواجهن أي:
يراجعن الأزواج الذين طلقوهن، قال السهيلي: نزلت في معقل بن يسار كان له أخت، فطلقها زوجها ثم أراد مراجعتها وأرادت هي مراجعته، فمنعها أخوها، وقيل: نزلت في جابر بن عبد الله وذلك أنّ رجلا طلق أخته وتركها حتى تمت عدتها، ثم أراد مراجعتها فمنعها جابر وقال: تركتها وأنت أملك بها، لا زوّجتكها أبدا، فنزلت الآية، والمعروف هنا: العدل، وقيل: الإشهاد، وهذه الآية تقتضي ثبوت حق الولي في نكاح وليته خلافا لأبي حنيفة ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ خطابا للنبي صلّى الله عليه واله وسلّم، ولكل واحد على حدته، ولذلك وحد ضمير الخطاب ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ خطابا للمؤمنين والإشارة إلى ترك العضل، ومعنى أزكى أطيب للنفس، ومعنى أطهر: أي للدين والعرض
وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ خبر بمعنى الأمر، وتقتضي الآية حكمين: الحكم الأوّل: من يرضع الولد؟
المرأة يجب عليها إرضاع ولدها ما دامت في عصمة والده، وإن كان والده قد مات وليس للولد مال: لزمها رضاعه في المشهور، وقيل أجرة رضاعه على بيت المال، وإن كانت مطلقة طلاقا بائنا: لم يلزمها رضاعه، لقوله تعالى: فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ [الطلاق: ٦] إلّا أن تشاء هي فهي أحق به بأجرة المثل، فإن لم يقبل الطفل غيرها وجب عليها إرضاعه، وقال أبو ثور: يلزمها على الإطلاق لظاهر الآية وحملها على الوجوب، الحكم الثاني: مدة الرضاع وقد ذكرها في قوله: حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ وإنما وصفهما