الإنسان آدم عليه السلام، ومعنى في كبد على هذا في السماء وهذا ضعيف والأول هو الصحيح.
أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ فيه قولان: أحدهما أن معناه أيظن أن لن يقدر أحد على بعثه وجزائه، والآخر: أيظن أن لن يقدر أحد أن يغلبه، فعلى الأول: نزلت في جنس الإنسان الكافر، وعلى الثاني: نزلت في رجل معين وهو أبو الأشد رجل من قريش، كان شديد القوة، وقيل: عمرو بن عبد ودّ وهو الذي اقتحم الخندق بالمدينة وقتله علي بن أبي طالب يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً أي كثيرا، وقرئ لبدا بضم اللام وكسرها، وهو جمع لبدة بالضم والكسر بمعنى الكثرة: ونزلت الآية عند قوم في الوليد بن المغيرة، فإنه أنفق مالا في إفساد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل: في الحرث بن عامر بن نوفل وكان قد أسلم وأنفق في الصدقات والكفارات، فقال لقد أهلكت مالي منذ تبعت محمدا أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ يحتمل أن يكون هذا تكذيبا له في قوله: أهلكت مالا لبدا أو إشارة إلى أنه أنفقه رياء.
وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ أي طريقي الخير والشر فهو كقوله: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً [الإنسان: ٣] ، ليس الهدى هنا بمعنى الإرشاد وقيل: يعني ثديي الأم فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ الاقتحام الدخول بشدّة ومشقة، والعقبة عبارة عن الأعمال، الصالحة المذكورة بعد، وجعلها عقبة استعارة من عقبة الجبل لأنها تصعب ويشق صعودها على النفوس، وقيل: هو جبل في جهنم له عقبة لا يجاوزها إلا من عمل هذه الأعمال ولا هنا تخصيص بمعنى هلا وقيل: هي دعاء، وقيل: هي نافية واعترض هذا القول بأن لا النافية إذا دخلت على الفعل الماضي لزم تكرارها، وأجاب الزمخشري بأنها مكررة في المعنى، والتقدير فلا اقتحم العقبة ولا فك رقبة ولا أطعم مسكينا وقال الزجاج قوله: ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يدل على التكرار لأن التقدير فلا اقتحم العقبة ولا آمن وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ تعظيم للعقبة ثم فسرها بفك الرقبة وهو إعتاقها بالإطعام وقرئ فك رقبة بضم الكاف وخفض الرقبة، وهو على هذا تفسير للعقبة وبفتح الكاف ونصب الرقبة وهو تفسير لاقتحم وفك الرقبة: هو عتقها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار «١» وقال أعرابي لرسول الله صلى الله عليه وسلم: دلني على عمل أنجو به فقال: فك الرقبة وأعتق النسمة فقال الأعرابي: أليس هذا واحدا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا إعتاق النسمة أن تنفرد بعتقها وفك الرقبة أن تعين في ثمنها، وأما فك أسارى المسلمين من أيدي
(١) . الحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة عن التيسير للمناوي.