للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة ق]

مكية إلا آية ٣٨ فمدنية وآياتها ٤٥ نزلت بعد المرسلات بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(سورة ق) تكلمنا على حروف الهجاء في أول سورة البقرة ويختص ق بأنه قيل: إنه من اسم الله القاهر، أو القدير وقيل: هو اسم للقرآن وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ من المجد، وهو الشرف والكرم وجواب هذا القسم محذوف تقديره: ما ردّوا أمرك بحجة وما كذبوك ببرهان وشبه ذلك، وعبّر عن هذا المحذوف، وقع الإضراب ببل وقيل: الجواب ما يلفظ من قول، وقيل: إن في ذلك لذكرى، وقيل: قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وهذه الأقوال ضعيفة متكلفة بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ الضمير في عجبوا لكفار قريش، والمنذر هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل: الضمير لجميع الناس واختاره ابن عطية قال: ولذلك قال تعالى: فقال الكافرون أي الكافرون من الناس، والصحيح أنه لقريش، وقوله: قال الكافرون وضع الظاهر موضع المضمر لقصد ذمّهم بالكفر، كما تقول: جاءني فلان فقال الفاجر كذا، إذا قصدت ذمه وقوله: منذر منهم إن كان الضمير لقريش فمعنى منهم من قبيلتهم يعرفون صدقه وأمانته وحسبه فيهم، وإن كان الضمير لجميع الناس فمعنى منهم إنسان مثلهم، وتعجبهم يحتمل أن يكون من أن بعث الله بشرا أو من الأمر الذي يتضمنه الإنذار وهو الحشر، ويؤيد هذا ما يأتي بعد أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً العامل في إذا محذوف تقديره: أنبعث إذا متنا ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ الرجع مصدر: رجعته والمراد به: البعث بعد الموت، ومعنى بعيد أي: بعيد الوقوع عندهم، وقيل: الرجع: الجواب، أي جوابهم هذا بعيد عن الحق، وعلى هذا يكون قوله: ذلك رجع بعيد من كلام الله تعالى، وأما على الأول فهو حكاية كلام الكفار وهو أظهر.

قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ هذا رد على الكفار في إنكارهم للبعث معناه: قد علمنا ما تنقص الأرض منهم من لحومهم وعظامهم فلا يصعب علينا بعثهم، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كل جسد ابن آدم تأكله الأرض إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب «١» .


(١) . رواه أحمد عن أبي هريرة ج ٢ ص ٤٩٩ ولفظه: يبلى كل عظم من ابن آدم إلا عجب الذنب وفيه يركب الخلق يوم القيامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>