للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ الآية احتجاج على قريش لأنهم كانوا يعترفون أن الله هو الذي خلق السموات والأرض وكانوا مع اعترافهم بذلك يعبدون غيره، ومقتضى جوابهم أن يقولوا:

خلقهن الله، فلما ذكر هذا المعنى جاءت العبارة عن الله بالعزيز العليم لأن اعترافهم بأنه خلق السموات والأرض يقتضي أن يعترفوا بأنه عزيز عليم، وأما قوله: الذي جعل لكم فهو من كلام الله لا من كلامهم مِهاداً «١» أي فراشا على وجه التشبيه سُبُلًا أي طرقا تمشون فيها ماءً بِقَدَرٍ أي بمقدار ووزن معلوم وقيل: معناه بقضاء كَذلِكَ تُخْرَجُونَ تمثيل للخروج من القبور بخروج النبات من الأرض الْأَزْواجَ كُلَّها يعني أصناف الحيوان والنبات وغير ذلك لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ الضمير يعود على ما تركبون ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ يحتمل أن يكون هذا الذكر بالقلب أو باللسان، ويحتمل أن يريد النعمة في تسخير هذا المركوب أو النعمة على الإطلاق، وكان بعض السلف إذا ركب دابة يقول: الحمد لله الذي هدانا للإسلام، ثم يقول: سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ أي مطيقين وغالبين وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ اعتراف بالحشر فإن قيل: ما مناسبة هذا للركوب؟

فالجواب: أن راكب السفينة أو الدابة متعرض للهلاك بما يخاف من غرق السفينة، أو سقوطه عن الدابة، فأمر بذكر الحشر ليكون مستعدا للموت الذي قد يعرض له، وقيل يذكر عند الركوب ركوب الجنازة، وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً الضمير في جعلوا لكفار العرب، وفي له لله تعالى، وهذا الكلام متصل بقوله: ولئن سألتهم الآية والمعنى أنهم جعلوا الملائكة بنات الله، فكأنهم جعلوا جزءا من عباده نصيبا له وحظا دون سائر عباده. وقال الزمخشري:

معناه أنهم جعلوا الملائكة جزءا منه وقال بعض اللغويين: الجزء في اللغة الإناث واستشهد على ذلك ببيت شعر قال الزمخشري وذلك كذب على اللغة والبيت موضوع.

أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ أم للإنكار والرد على الذين قالوا: إن الملائكة بنات الله ومعنى أصفاكم: خصكم. أي كيف يتخذ لنفسه البنات وهن أدنى، وأصفاكم بالبنين وهم أعلى «٢»

وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا أي إذا بشر بالأنثى، وقد ذكر هذا


(١) . قرأ عاصم وحمزة والكسائي: مهدا والباقون: مهادا.
(٢) . هذا حسب معايير الزمان الجاهلي، أما اليوم فالأمر مختلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>