التعجب منهم لما طلبوا آية، أي قد جاءكم محمد صلّى الله عليه وسلّم بالقرآن وآيات كثيرة فعميتم عنها، وطلبتم غيرها وتماديتم على الكفر، لأنّ الله يضل من يشاء مع ظهور الآيات، وقد يهدي من يشاء دون ذلك
الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ بدل من من أناب، أو خبر ابتداء مضمر والذين آمنوا وعملوا الصالحات بدل ثان، أو مبتدأ طُوبى مصدر من طاب كبشرى ومعناها أصابت خيرا وطيبا، وقيل: هي شجرة في الجنة، وإعرابها مبتدأ.
كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ الكاف تتعلق بالمعنى الذي في قوله: يضل من يشاء ويهدي من يشاء وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ قيل: إنها نزلت في أبي جهل، وقيل نزلت في قريش حين عاهدهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عام الحديبية، فكتب الكاتب بسم الله الرحمن الرحيم، فقال قائلهم: نحن لا نعرف الرحمن، وهذا ضعيف، لأن الآية نزلت قبل ذلك ولأن تلك القصة إنما أنكروا فيها التسمية فقط، ومعنى الآية: أنهم يكفرون بالله مع تلاوة القرآن عليهم مَتابِ مفعل من التوبة وهو اسم مصدر وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ الآية: جواب لو محذوف تقديره: لو أن قرآنا على هذه الصفة من تسيير الجبال، وتقطيع الأرض وتكليم الموتى لم يؤمنوا به، فالمعنى كقوله: لا يؤمنوا ولو جاءتهم كل آية، وقيل تقديره: ولو أن قرآنا على هذه الصفة لكان هذا القرآن الذي هو غاية في التذكير ونهاية في الإنذار كقوله: لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً [الحشر: ٢١] ، وقيل هو متعلق بما قبله والمعنى، وهم يكفرون بالرحمن ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أَفَلَمْ يَيْأَسِ معناه أفلم يعلم وهي لغة هوازن وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني كفار قريش قارِعَةٌ يعني مصيبة في أنفسهم وأولادهم وأموالهم، أو غزوات المسلمين إليهم أَوْ تَحُلُّ الفاعل ضمير القارعة. والمعنى إما إن تصيبهم، وإما أن تقرب منهم، وقيل التاء للخطاب، والفاعل ضمير المخاطب وهو النبي صلّى الله عليه وسلّم، والأول أظهر حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ هو فتح مكة، وقيل قيام الساعة.
وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ الآية مقصدها تأنيس وتسلية النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهكذا حيث وقع فَأَمْلَيْتُ أي أمهلتهم
أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ هو الله تعالى أي حفيظ رقيب على عمل كل أحد، والخبر محذوف تقديره: أفمن هو قائم على كل نفس بما