للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعتزلت القوم، وفرقة سكتت واعتزلت، فلم تنه ولم تعص، وأن هذه الفرقة لما رأت مهاجرة الناهية وطغيان العاصية قالوا للفرقة الناهية: لم تعظون قوما يريد الله أن يهلكهم أو يعذبهم، فقالت الناهية: ننهاهم معذرة إلى الله ولعلهم يتقون، فهلكت الفرقة العاصية، ونجت الناهية، واختلف في الثالثة هل هلكت لسكوتها أو نجت لاعتزالها وتركها العصيان بِعَذابٍ بَئِيسٍ أي شديد «١» ، وقرئ بالهمز وتركه، وقرئ على وزن فعيل وعلى وزن فيعل وكلها من معنى البؤس فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ أي لما تكبروا عن ما نهوا عنه قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ ذكر في [البقرة: ٦٥] والمعنى أنهم عذبوا أولا بعذاب شديد فعتوا بذلك فمسخوا قردة، وقيل: فلما عتوا تكرار لقوله فلما نسوا، والعذاب البئيس هو المسخ تَأَذَّنَ رَبُّكَ عزم، وهو من الإيذان بمعنى الإعلام لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ الآية أي يسلط عليهم، ومن ذلك أخذ الجزية، وهوانهم في جميع البلاد وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أي فرّقناهم في البلاد، ففي كل بلدة فرقة منهم، فليس لهم إقليم يملكونه مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ هم من أسلم كعبد الله بن سلام أو من كان صالحا من المتقدّمين منهم بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ أي بالنعم والنقم فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أي حدث بعدهم قوم سوء، والخلف بسكون اللام ذم، وبفتحها مدح، والمراد من حدث من اليهود بعد المذكورين، وقيل: المراد النصارى يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى أي عرض الدنيا وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا ذلك اغترار منهم وكذب وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ الواو للحال يرجون المغفرة وهم يعودون إلى مثل فعلهم مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إشارة إلى كذبهم في قولهم: سيغفر لنا وإعراب ألا يقولوا عطف بيان على ميثاق الكتاب أو تفسير له، أو تكون أن حرف عبارة وتفسير

وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ قرئ بالتشديد والتخفيف وهما بمعنى واحد، وإعراب الذين عطف على الذين يتقون، أو مبتدأ وخبره إنا لا نضيع أجر المصلحين، وأقام ذكر المصلحين مقام الضمير، لأن المصلحين هم


(١) . بيس: قراءة نافع. وبئس: قراءة ابن عامر وقرأ أبو بكر عن عاصم: بيأس. والباقون: بئيس.

<<  <  ج: ص:  >  >>