للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحجة عليهم، كأنه قيل لهم إن كان لكم عمل أو حجة فهاتوها

وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أي حق العذاب عليهم أو قامت الحجة عليهم فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ إنما يسكتون لأن الحجة قد قامت عليهم وهذا في بعض مواطن القيامة، وقد جاء أنهم يتكلمون في مواطن لِيَسْكُنُوا فِيهِ ذكر في [يونس: ٦] يُنْفَخُ فِي الصُّورِ ذكر في [الكهف: ٩٩] إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ قيل: «هم الشهداء، وقيل: جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل عليهم السلام داخِرِينَ صاغرين متذللين تَحْسَبُها جامِدَةً أي قائمة ثابتة وَهِيَ تَمُرُّ يكون مرورها في أول أحوال يوم القيامة، ثم ينسفها الله في خلال ذلك فتكون كالعهن ثم تصير هباء منبثا صُنْعَ اللَّهِ مصدر، والعامل فيه محذوف، وقيل: هو منصوب على الإغراء: أي انظروا صنع الله.

مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها قيل: إن الحسنة لا إله إلا الله، واللفظ أعم، ومعنى:

خير منها أن له بالحسنة الواحدة عشرا مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ «١» من نون فزع فتح الميم من يومئذ ومن أسقط التنوين للإضافة قرأ بفتح الميم على البناء أو بكسرها على الإعراب وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ السيئة هنا الكفر، والمعاصي التي قضى الله بتعذيب فاعلها هذِهِ الْبَلْدَةِ يعني مكة الَّذِي حَرَّمَها أي جعلها حرما آمنا، لا يقاتل فيها أحد ولا ينتهك حرمتها، ونسب تحريمها هنا إلى الله لأنه بسبب قضائه وأمره، ونسبه النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم إلى إبراهيم عليه السلام في قوله: إن إبراهيم حرّم مكة. لأن إبراهيم هو الذي أعلم الناس بتحريمها، فليس بين الحديث والآية تعارض وقد جاء في حديث آخر «٢» أن مكة حرمها الله يوم خلق السموات والأرض وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ أي إنما عليّ الإنذار والتبليغ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ وعيد بالعذاب الذي يضطرهم إلى معرفة آيات الله، إما في الدنيا أو في الآخرة.


(١) . من فزع يومئذ: قرأ عاصم وحمزة والكسائي: فزع يومئذ، قرأ أبو عمرو وابن كثير وابن عامر وإسماعيل: فزع يومئذ بالإضافة، وقرأ نافع فزع بدون تنوين ويومئذ. انظر الحجة في القراءات فقد ذكر الحجة لكل واحدة من هذه القراءات ص ٥٤٠.
(٢) . حديث حرمة مكة رواه البخاري في كتاب الجنائز ص ٩٥/ ٢ عن ابن عباس وأوله: حرّم الله عز وجل مكة فلم تحل لأحد قبلي ولا لأحد بعدي إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>