وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ أي لا تضعفوا في طلب الكفار إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ الآية: معناها. إن أصابكم ألم من القتال فكذلك يصيب الكفار ألم مثله، ومع ذلك فإنكم ترجون إذا قاتلتموهم: النصر في الدنيا، والأجر في الآخرة وذلك تشجيع للمسلمين لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ يحتمل أن يريد بالوحي أو بالاجتهاد، أو بهما، وإذا تضمنت الاجتهاد، ففيها دليل على إثبات النظر والقياس خلافا لمن منع ذلك من الظاهرية وغيرهم وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً نزلت هذه الآية وما بعدها في قصة طعمة بن الأبيرق إذ سرق طعاما وسلاحا لبعض الأنصار، وجاء قومه إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم وقالوا: إنه بريء، ونسبوا السرقة إلى غيره، وظن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنهم صادقون، فجادل عنهم ليدفع ما نسب إليهم حتى نزل القرآن فافتضحوا، فالخائنون في الآية: هم السراق بنو الأبيرق، وقال السهيلي: هم بشر وبشير ومبشر وأسيد، ومعناها: لا تكن لأجل الخائنين مخاصما لغيرهم وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ أي من خصامك عن الخائنين، على أنه صلّى الله عليه وسلّم إنما تكلم على الظاهر وهو يعتقد براءتهم إِذْ يُبَيِّتُونَ
أي يدبرون ليلا وإنما سمي التدبير قولا، لأنه كلام النفس، وربما كان معه كلام باللسان وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً
قيل: إن الخطيئة تكون عن عمد، وعن غير عمد، والإثم لا يكون إلّا عن عمد، وقيل: هما بمعنى، وكرر لاختلاف اللفظ ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً
كان القوم قد نسبوا السرقة إلى لبيد بن سهل لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ
هم الذين جاءوا إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم برّأوا ابن الأبيرق من السرقة وهذه الآية وإن كانت إنما نزلت بسبب هذا القصة، فهي أيضا تتضمن أحكام غيرها، وبقية الآية تشريف للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وتقدير لنعم الله عليه
لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إن كانت النجوى هنا بمعنى الكلام الخفي، فالاستثناء الذي بعدها منقطع، وقد يكون متصلا على حذف مضاف