مكية وآياتها ٢١ نزلت بعد الأعلى بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سورة الليل) وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى أي يغطي وحذف المفعول وهو الشمس لقوله: وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها أو النهار لقوله: يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ [الأعراف: ٥٣] أو كل شيء يستره الليل وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى أي ظهر وتبين والنهار من طلوع الشمس واليوم من طلوع الفجر وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى ما بمعنى من والمراد بها الله تعالى وعدل عن من لقصد الوصف كأنه قال: والقادر الذي خلق الذكر والأنثى وقيل: هي مصدرية وروى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ والذكر والأنثى إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى هذا جواب القسم ومعناه إن عملكم مختلف فمنه حسنات ومنه سيئات، وشتى جمع شتيت فَأَمَّا مَنْ أَعْطى أي أعطى ماله في الزكاة والصدقة وشبه ذلك، أو أعطى حقوق الله من طاعته في جميع الأشياء واتقى الله وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى أي بالخصلة الحسنة وهي الإسلام، ولذلك عبّر عنها بعضهم بأنها لا إله إلا الله، أو بالمثوبة الحسنى وهي الجنة، وقيل: يعني الأجر والثواب على الإطلاق وقيل: يعني الخلف على المنفق فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى أي نهيئه للطريقة اليسرى، وهي فعل الخيرات وترك السيئات وضد ذلك تيسيره للعسرى ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:«اعملوا فكل ميسر لما خلق له»«١» أي يهيؤه الله لما قدر له ويسهل عليه فعل الخير أو الشر وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى أي بخل بماله أو بطاعة الله على الإطلاق فيحتمل الوجهين لأنه في مقابلة أعطى كما أن استغنى في مقابلة اتقى، وكذلك كذب بالحسنى في مقابلة صدق بالحسنى، ونيسره للعسرى في مقابلة نيسره لليسرى، ومعنى استغنى: استغنى عن الله فلم يطعه واستغنى بالدنيا عن الآخرة، ونزلت آية المدح في أبي بكر الصديق، لأنه أنفق ماله في مرضات الله، وكان يشتري من أسلم من العبيد فيعتقهم، وقيل نزلت في أبي الدحداح وهذا ضعيف،
(١) . رواه أحمد ج ١ ص ١٥٧ عن عدد من الصحابة منهم علي وجابر وابن مسعود وذو اللحية الكلابي.