مطر كثير صَلْداً أملس لا يَقْدِرُونَ أي لا يقدرون على الانتفاع بثواب شيء من إنفاقهم وهو كسبهم وَتَثْبِيتاً أي تيقنا وتحقيقا للثواب لأن أنفسهم لها بصائر تحملهم على الإنفاق، ويحتمل أن يكون معنى التثبيت أنهم يثبتون أنفسهم على الإيمان باحتمال المشقة في بذل المال، وانتصاب ابتغاء على المصدر في موضع الحال وعطف عليه وتثبيتا، ولا يصح في تثبيتا أن يكون مفعولا من أجله، لأن الإنفاق ليس من أجل التثبيت فامتنع ذلك في المعطوف عليه وهو ابتغاء كَمَثَلِ حَبَّةٍ تقديره: كمثل صاحب حبة أو يقدر ولا مثل نفقة الذي ينفقون بِرَبْوَةٍ لأن ارتفاع موضع الجنة أطيب لتربتها وهوائها فَطَلٌّ الطل الرقيق الخفيف، فالمعنى يكفي هذه الجنة لكرم أرضها أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ الآية: مثل ضرب للإنسان يعمل صالحا، حتى إذا كان عند آخر عمره ختم له بعمل السوء، أو مثل للكافر أو المنافق أو المرائي المتقدّم ذكره آنفا أو ذي المن والأذى، فإنّ كل واحد منهم يظن أنه ينتفع بعمله، فإذا كان وقت حاجة إليه لم يجد شيئا، فشبههم الله بمن كانت له جنة، ثم أصابتها الجائحة المهلكة، أحوج ما كان إليها لشيخوخته، وضعف ذريته، قالوا في قوله: وأصابه الكبر للحال إِعْصارٌ أي ريح فيها سموم محرقة مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ والطيبات هنا عند الجمهور: الجيد غير الرديء، فقيل: إنّ ذلك في الزكاة فيكون واجبا وقيل: في التطوع فيكون مندوبا لا واجبا لأنه كما يجوز التطوع بالقليل يجوز بالرديء وَمِمَّا أَخْرَجْنا من النبات والمعادن وغير ذلك وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ أي لا تقصدوا الرديء منه تنفقون في موضع الحال وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ الواو للحال. والمعنى: أنكم لا تأخذونه في حقوقكم وديونكم، إلّا أن تتسامحوا بأخذه وتغمضوا من قولك: أغمض فلان عن بعض حقه: إذا لم يستوفه وإذا غض بصره الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ الآية: دفع لما يوسوس به الشيطان من خوف الفقر، ففي ضمن ذلك حض على الإنفاق، ثم بين عداوة الشيطان بأمره بالفحشاء، وهي المعاصي، وقيل: الفحشاء البخل، والفاحش عند العرب البخيل، قال ابن عباس: في الآية اثنتان من الشيطان واثنتان من الله، والفضل هو الرزق والتوسعة