للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ الآية: معناها إن شككتم في البعث الأخروي فزوال ذلك الشك أن تنظروا في ابتداء خلقتكم فتعلموا أن الذي قدر على أن خلقكم أول مرة: قادر على أن يعيدكم ثاني مرة، وأن الذي قدر على إخراج النبات من الأرض بعد موتها: قادر على أن يخرجكم من قبوركم خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ إشارة إلى خلق آدم، وأسند ذلك إلى الناس لأنهم من ذريته وهو أصلهم مِنْ عَلَقَةٍ العلقة قطعة من دم جامدة مِنْ مُضْغَةٍ أي قطعة من لحم مُخَلَّقَةٍ المخلقة التامة الخلقة، وغير المخلقة الغير التامة: كالسقط، وقيل: المخلقة المسوّاة السالمة من النقصان لِنُبَيِّنَ لَكُمْ اللام تتعلق بمحذوف تقديره: ذكرنا ذلك لنبين لكم قدرتنا على البعث وَنُقِرُّ فعل مستأنف إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى يعني وقت وضع الحمل وهو مختلف وأقله ستة أشهر إلى ما فوق ذلك نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا أفرده لأنه أراد الجنس، أو أراد نخرج كل واحد منكم طفلا لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ هو كمال القوّة والعقل والتمييز. وقد اختلف فيه من ثماني عشرة سنة إلى خمس وأربعين أَرْذَلِ الْعُمُرِ ذكر في [النحل: ٧٠] هامِدَةً يعني لا نبات فيها اهْتَزَّتْ تحركت بالنبات وتخلخلت أجزاؤها لما دخلها الماء وَرَبَتْ انتفخت زَوْجٍ بَهِيجٍ أي صنف عجيب.

ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ أي ذلك المذكور من أمر الإنسان، والنبات حاصل، بأن الله هو الحق، هكذا قدره الزمخشري، والباء على هذا سببية، وبهذا المعنى أيضا فسّره ابن عطية، ويلزم على هذا أن لا يكون قوله: وأن الساعة آتية: معطوفا على ذلك، لأنه ليس بسبب لما ذكر، فقال ابن عطية قوله: أن الساعة ليس بسبب لما ذكر، ولكن المعنى أن الأمر مرتبط بعضه ببعض، أو على تقدير: والأمر أن الساعة وهذان الجوابان اللذان ذكر ابن عطية ضعيفان: أما قوله إن الأمر مرتبط بعضه ببعض، فالارتباط هنا إنما يكون بالعطف والعطف لا يصح، وأما قوله على تقدير الأمر: أن الساعة، فذلك استئناف وقطع للكلام الأول، ولا شك أن المقصود من الكلام الأول: هو إثبات الساعة فكيف يجعل ذكرها مقطوعا مما قبله، والذي يظهر لي أن الباء ليست بسببية، وإنما يقدر لها فعل تتعلق به ويقتضيه المعنى وذلك أن يكون التقدير: ذلك الذي تقدم من خلقة الإنسان والنبات شاهد بأن الله هو الحق، وأنه يحيى الموتى، وبأن الساعة آتية، فيصح عطف: وأن الساعة على ما قبله بهذا التقدير، وتكون هذه الأشياء المذكورة بعد قوله: ذلك مما استدل عليها بخلقة الإنسان والنبات.

<<  <  ج: ص:  >  >>