بإهلاكهم وقد تقدم في [هود: ٣٧] تفسير بأعيننا ووحينا، وفار التنور، ولا تخاطبني
فَاسْلُكْ فِيها أي أدخل فيها، وقد تقدم تفسير زوجين اثنين وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ إن مخففة من الثقيلة، ومبتلين: اسم فاعل من ابتلى، ويحتمل أن يكون بمعنى الاختبار، أو إنزال البلاء قَرْناً آخَرِينَ قيل: إنهم عاد ورسولهم هود، لأنهم الذين يلون قوم نوح، وقيل: إنهم ثمود ورسولهم صالح، وهذا أصح لقوله: فأخذتهم الصيحة، وثمود هم الذين أهلكوا بالصيحة، وأما عاد فأهلكوا بالريح مِنْ قَوْمِهِ قدم هذا المجرور على قوله الذين كفروا لئلا يوهم أنه متصل بقوله الحياة الدنيا بخلاف قوله: قال الملأ الذين كفروا من قومه في غير هذا الموضع أَتْرَفْناهُمْ أي نعمناهم بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يحتمل أنهم قالوا ذلك لإنكارهم أن يكون نبيّ من البشر، أو قالوه أنفة من اتباع بشر مثلهم، وكذلك قال قوم نوح أَيَعِدُكُمْ استفهام على وجه الاستهزاء والاستبعاد أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ كرر أن تأكيدا للأولى ومخرجون خبر عن الأولى.
هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ هذا من حكاية كلامهم، وهيهات: اسم فعل بمعنى بعد، وقال الغزنوي: هي للتأسف والتأوّه، ويجوز فيه الفتح والضم والكسر والإسكان، وتارة يجيء فاعله دون لام كقوله:«فهيهات هيهات العقيق وأهله» ، وتارة يجيء باللام كهذه الآية، قال الزجاج في تفسيره: البعد لما توعدون، فنزّله منزلة المصدر، قال الزمخشري:
وفيه وجه آخر: وهي أن تكون اللام لبيان المستبعد ما هو بعد التصويت بكلمة الاستبعاد كما جاءت اللام في هيت لك لبيان المهيت به إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا أي ما الحياة إلا حياتنا الدنيا، فوضع هي موضع الحياة لدلالة الخبر عليها نَمُوتُ وَنَحْيا أي يموت بعض ويولد بعض، فينقرض قرن ويحدث قرن آخر ومرادهم: إنكار البعث عَمَّا قَلِيلٍ ما زائدة، وقيل صفة للزمان والتقدير: عن زمان قليل يندمون فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً يعني هالكين كالغثاء، والغثاء ما يحمله السيل من الورق وغيره مما يبلى ويسود، فشبه به الهالكين فَبُعْداً مصدر وضع موضع الفعل بمعنى بعدوا: أي هلكوا، والعامل فيه مضمر لا يظهر