وذلك في التوابع والفضلات: كالحال، والتمييز، والاستثناء وشبه ذلك، إلا أنّ وصل المستثنى المتصل آكد من المنقطع، ووصل التوابع والحال إذا كانت أسماء مع ذات آكد من وصلها إذا كانت جملة، وإن كان الكلام مستقلا والثاني كذلك، فإن كانا في قصة واحدة فالوقف على الأوّل حسن، وإن كانا في قصتين مختلفتين فالوقف تامّ. وقد يختلف الوقف باختلاف الإعراب أو المعنى، وكذلك اختلف الناس في كثير من الوقف. من أقوالهم فيها:
راجح، ومرجوح، وباطل، وقد يقف لبيان المراد وإن لم يتم الكلام.
[تنبيه]
هذا الذي ذكرنا من رعي الإعراب والمعنى في المواقف: استقرّ عليه العمل، وأخذ به شيوخ المقرئين، وكان الأوائل يراعون رؤوس الآيات، فيقفون عندها لأنها في القرآن كالفقر في النثر والقوافي في الشعر، ويؤكد ذلك ما أخرجه الترمذي عن أمّ سلمة رضي الله عنها أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يقطع قراءته يقول: الحمد لله رب العالمين ثم يقف، الرحمن الرحيم ثم يقف.
الباب العاشر: في الفصاحة والبلاغة وأدوات البيان.
أما الفصاحة فلها خمسة شروط: الأوّل أن تكون الألفاظ عربية لا مما أحدثه المولدون ولا مما غلطت فيه العامّة، الثاني أن تكون من الألفاظ المستعملة لا من الوحشية المستثقلة، الثالث أن تكون العبارة واقعة على المعنى موفية له لا قاصرة عنه، الرابع أن تكون العبارة سهلة سالمة من التعقيد. الخامس: أن يكون الكلام سالما من الحشو الذي لا يحتاج إليه.
وأما البلاغة فهي سياق الكلام على ما يقتضيه الحال والمقال من الإيجاز والإطناب، ومن التهويل والتعظيم والتحقير، ومن التصريح والكناية والإشارة وشبه ذلك، بحيث يهز النفوس ويؤثر في القلوب، ويقود السامع إلى المراد أو يكاد.
وأما أدوات البيان: فهي صناعة البديع، وهو تزيين الكلام كما يزين العلم الثوب، وقد وجدنا في القرآن منها اثنين وعشرين نوعا، ونبهنا على كل نوع في المواضع التي وقع فيها من القرآن وقد ذكرنا هنا أسماءها ونبين معناه:
الأوّل: المجاز: وهو اللفظ المستعمل في غير مواضع له لعلاقة بينهما، وهو اثنا عشر نوعا: التشبيه والاستعارة، والزيادة، والنقصان، وتشبيه المجاور باسم مجاوره، والملابس باسم ملابسه، والكل، وإطلاق اسم الكل على البعض، وعكسه، والتسمية باعتبار ما يستقبل، والتسمية باعتبار ما مضى، وفي هذا خلاف هل هو حقيقة أو مجاز.
واتفق أهل علم اللسان وأهل الأصول على وقوع المجاز في القرآن لأنّ القرآن نزل بلسان العرب وعادة فصحاء العرب استعمال المجاز، ولا وجه لمن منعه لأنّ الواقع منه في القرآن أكثر من أن يحصى.
الثاني: الكناية: وهي العبارة عن الشيء فيما يلازمه من غير تصريح.