طاقة لهم على رؤية الملك في صورته وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ أي لخلطنا عليهم ما يخلطون على أنفسهم وعلى ضعفائهم، فإنهم لو رأوا الملك في صورة إنسان قالوا: هذا إنسان وليس بملك
وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ الآية: إخبار قصد به تسلية النبي صلّى الله عليه وسلّم عما كان يلقى من قومه فَحاقَ أي أحاط بهم، وفي هذا الإخبار تهديد للكفار قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ الآية: حض على الاعتبار بغيرهم إذا رأوا منازل الكفار الذين هلكوا قبلهم ثُمَّ انْظُرُوا قال الزمخشري: إن قلت أي فرق بين قوله: فانظروا وبين قوله: ثم انظروا؟ قلت: جعل النظر سببا عن السير في قوله: فانظروا. كأنه قال: سيروا لأجل النظر، وأما قوله: فسيروا في الأرض ثم انظروا: فمعناه إباحة السير للتجارة وغيرها من المنافع، وإيجاب النظر في الهالكين رتّبه على ذلك بثم، لتباعد ما بين الواجب والمباح قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ القصد بالآية إقامة البرهان على صحة التوحيد وإبطال الشرك، وجاء ذلك بصفة الاستفهام لإقامة الحجة على الكفار فسأل أولا، لمن ما في السموات والأرض؟ ثم أجاب عن السؤال بقوله قل لله، لأن الكفار يوافقون على ذلك بالضرورة، فيثبت بذلك أن الإله الحق هو الله الذي له ما في السموات وما في الأرض، وإنما يحسن أن يكون السائل مجيبا عن سؤاله، إذا علم أن خصمه لا يخالفه في الجواب الذي به يقيم الحجة عليه كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أي قضاها، وتفسير ذلك بقول النبي صلّى الله عليه واله وسلّم: إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق السموات والأرض، وفيه «إن رحمتي سبقت غضبي»«١» ، وفي رواية: تغلب غضبي لَيَجْمَعَنَّكُمْ مقطوع مما قبله، وهو جواب لقسم محذوف، وقيل: هو تفسير الرحمة المذكورة تقديره: أن يجمعكم، وهذا ضعيف لدخول النون الثقيلة في غير موضعها، فإنها لا تدخل إلا في القسم أو في غير الواجب إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ قيل: هنا إلى بمعنى في وهو ضعيف، والصحيح أنها للغاية على بابها الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ الذين مبتدأ وخبره لا يؤمنون ودخلت الفاء لما في الكلام من معنى الشرط قاله الزجاج وهو حسن، وقال الزمخشري الذين نصب على الذم أو رفع بخبر ابتداء مضمر، وقيل: هو بدل من الضمير في ليجمعنكم وهو ضعيف، وقيل: منادى وهو باطل وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ عطف على قوله قل:
(١) . الحديث متفق عليه من رواية أبي هريرة. وهو في كتاب التوحيد في البخاري ص ٢١٦/ ٨.