للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن أصله هداني صراطا بدليل اهدنا الصراط، والقيّم فيعل من القيام وهو أبلغ من قائم وقرئ قيما بكسر القاف وتخفيف الياء وفتحها «١» ، وهو على هذا مصدر وصف به مِلَّةَ إِبْراهِيمَ بدل من دينا، أو عطف بيان

وَنُسُكِي أي عبادتي وقيل: ذبحي للبهائم، وقيل:

حجي، والأول أعم وأرجح وَمَحْيايَ وَمَماتِي «٢» أي أعمالي في حين حياتي وعند موتي لِلَّهِ أي خالصا لوجهه وطلب رضاه، ثم أكد ذلك بقوله لا شريك له: أي لا أريد بأعمالي غير الله، فيكون نفيا للشرك الأصغر وهو الرياء، ويحتمل أن يريد لا أعبد غير الله فيكون نفيا للشرك الأكبر وَبِذلِكَ أُمِرْتُ إشارة إلى الإخلاص الذي تقتضيه الآية قبل ذلك وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ لأنه صلّى الله عليه وسلّم سابق أمته قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا تقرير وتوبيخ للكفار، وسببها أنهم دعوه إلى عبادة آلهتهم وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ برهان على التوحيد ونفي الربوبية عن غير الله وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها ردّ على الكفار لأنهم قالوا له: أعبد آلهتنا ونحن نتكفل لك بكل تباعة تتوقعها في دنياك وأخراك، فنزلت هذه الآية: أي ليس كما قلتم، وإنما كسب كل نفس عليها خاصة وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ألا يحمل أحد ذنوب أحد، وأصل الوزر الثقل، ثم استعمل في الذنوب خَلائِفَ جمع خليفة: أي يخلف بعضكم بعضا في السكنى في الأرض أو خلائف عن الله في أرضه، والخطاب على هذا لجميع الناس، وقيل: لأمة محمد صلّى الله عليه واله وسلّم لأنهم خلفوا الأمم المتقدمة وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ عموم في المال والجاه والقوة والعلوم وغير ذلك مما وقع فيه التفضيل بين العباد لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ ليختبر شكركم على ما أعطاكم، وأعمالكم فيما مكنكم فيه إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ جمع بين التخويف والترجية، وسرعة عقابه تعالى: إما في الدنيا بمن عجل أخذه، أو في الآخرة لأن، كل آت قريب، ونسأل الله أن يغفر لنا ويرحمنا بفضله ورحمته.


(١) . وهي قراءة أهل الكوفة وابن عامر. أما التشديد فقراءة الباقين.
(٢) . محياي: قرأها نافع بتسكين الياء والباقون بفتحها.

<<  <  ج: ص:  >  >>