والذي أحسن يراد به جنس المحسنين، والآخر: أن المعنى تماما أي تفضلا، أو جزاء على ما أحسن موسى عليه السلام من طاعة ربه وتبليغ رسالته، فالفاعل على هذا ضمير موسى عليه السلام والذي صفة لعمل موسى، والثالث تماما أي إكمالا على ما أحسن الله به إلى عباده، فالعامل على هذا ضمير الله تعالى أَنْ تَقُولُوا في موضع مفعول من أجله تقديره:
كراهة أن تقولوا عَلى طائِفَتَيْنِ أهل التوراة والإنجيل وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ أي لم ندرس مثل دراستهم ولم نعرف ما درسوا من الكتب فلا حجة علينا، وأن هنا مخففة من الثقيلة فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ إقامة حجة عليهم صَدَفَ أي أعرض هَلْ يَنْظُرُونَ الآية:
تقدّمت نظيرتها في [البقرة: ٢١٠] بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ أشراط الساعة كطلوع الشمس من مغربها، فحينئذ لا يقبل إيمان كافر ولا توبة عاص، فقوله: لا ينفع نفسا إيمانها يعني أن إيمان الكافر لا ينفعه حينئذ وقوله أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً يعني أن من كان مؤمنا ولم يكسب حسنات قبل ظهور تلك الآيات، ثم تاب إذا ظهرت: لم ينفعه لأن باب التوبة يغلق حينئذ قُلِ انْتَظِرُوا وعيد إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ هم اليهود والنصارى، وقيل أهل الأهواء والبدع، وفي الحديث أن رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم قال:«افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قيل يا رسول الله ومن تلك الواحدة؟ قال من كان على ما أنا وأصحابي عليه «١» ، وقرئ فارقوا أي تركوا وَكانُوا شِيَعاً جمع شيعة أي متفرّقين كل فرقة تتشيع لمذهبها لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ أي أنت بريء منهم عَشْرُ أَمْثالِها فضل عظيم على العموم في الحسنات، وفي العاملين، وهو أقل التضعيف للحسنات فقد تنتهي إلى سبعمائة وأزيد دِيناً قِيَماً بدل من موضع إلى صراط مستقيم،
(١) . من حديث أبي هريرة رواه أصحاب السنن أبو داود ورقمه ٤٥٩١/ أول الجزء/ ٥ والترمذي والنسائي وابن ماجة. [.....]