وحق مواليه، ورجل كانت له أمة فأعتقها وتزوّجها «١» بِما صَبَرُوا يعني صبرهم على إذاية قومهم لهم لما أسلموا، ٧ أو غير ذلك من أنواع الصبر وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أي يدفعون، ويحتمل أن يريد بالسيئة ما يقال لهم من الكلام القبيح، وبالحسنة ما يجاوبون به من الكلام الحسن، أو يريد سيئات أعمالهم وحسناتها كقوله: إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ [هود: ١١٤] وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ يعني ساقط الكلام لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ هذا على وجه التبري والبعد من القائلين للغو سَلامٌ عَلَيْكُمْ معناه هنا، المتاركة والمباعدة لا التحية، أو كأنه سلام الانصراف والبعد لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ أي لا نطلبهم للجدال والمراجعة في الكلام إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ نزلت في أبي طالب إذ دعاه النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يقول عند موته: لا إله إلا الله فقال: لولا أن يعايرني بها قريش لأقررت بها عينك ومات على الكفر، ولفظ الآية مع ذلك على عمومه وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ لفظ عام، وقيل: أراد به العباس بن عبد المطلب.
وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا القائلون لذلك قريش، وروي أن الذي قالها منهم: الحارث بن عامر بن نوفل، والهدى هو الإسلام، ومعناه الهدى على زعمك، وقيل: إنهم قالوا قد علمنا أن الذي تقول حق، ولكن إن اتبعناك تخطفتنا العرب:
أي أهلكونا بالقتال لمخالفة دينهم أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً هذا ردّ عليهم فيما اعتذروا به من تخطف الناس لهم، والمعنى أن الحرم لا تتعرض له العرب بقتال، ولا يمكن الله أحدا من إهلاك أهله، فقد كانت العرب يغير بعضهم على بعض، وأهل الحرم آمنون من ذلك يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ أي تجلب إليه الأرزاق مع أنه واد غير ذي زرع بَطِرَتْ مَعِيشَتَها معنى بطرت طغت وسفهت، ومعيشتها: نصب على التفسير مثل: سفه نفسه، أو على إسقاط حرف الجرّ تقديره: بطرت في معيشتها أو يتضمن معنى بطرت:
كفرت إِلَّا قَلِيلًا يعني: قليلا من السكنى، أو قليلا من الساكنين: أي لم يسكنها بعد إهلاكها إلا مارّا على الطريق ساعة.
وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولًا أم القرى مكة لأنها أول ما
(١) . رواه المناوي في التيسير بألفاظ مقاربة وعزاه للشيخين وأحمد والترمذي والنسائي عن أبي موسى الأشعري.