لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ لما تثاقل بعض الناس عن القتال قيل هذا للنبي صلّى الله عليه وسلّم أي إن أفردوك فقاتل وحدك فإنما عليك ذلك وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ أي ليس عليك في شأن المؤمنين إلّا التحريض عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا قيل: عسى من الله واجبة «١» ، والذين كفروا هنا قريش، وقد كفهم الله بهزيمتهم في بدر وغيرها وبفتح مكة وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا أي عقابا وعذابا شَفاعَةً حَسَنَةً هي الشفاعة في مسلم لتفرج عنه كربة، أو تدفع مظلمة أو يجلب إليه خيرا، والشفاعة السيئة بخلاف ذلك وقيل: الشفاعة الحسنة هي الطاعة والشفاعة السيئة هي المعصية، والأول أظهر، والكفل هو النصيب مُقِيتاً قيل: قديرا، وقيل:
حفيظا، وقيل: الذي يقيت الحيوان أي يرزقهم القوت فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها معنى ذلك الأمر بردّ السلام، والتخيير بين أن يرد بمثل ما سلّم عليه أو بأحسن منه، والأحسن أفضل، مثل أن يقال له: سلام عليك فيردّ السلام ويزيد الرحمة والبركة، وردّ السلام واجب على الكفاية عند مالك والشافعي، وقال بعض الناس: هو فرض عين، واختلف في الردّ على الكفار، فقيل: يردّ عليهم لعموم الآية، وقيل: لا يردّ عليهم، وقيل:
يقال لهم عليكم، حسبما جاء في الحديث، وهو مذهب مالك ولا يبتدئون بالسلام لَيَجْمَعَنَّكُمْ جواب قسم محذوف، وتضمن معنى الحشر ولذلك تعدّى بإلى وَمَنْ أَصْدَقُ لفظه استفهام، ومعناه لا أحد أصدق من الله فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ ما استفهامية بمعنى التوبيخ، والخطاب للمسلمين، ومعنى فئتين: أي طائفتين مختلفتين، وهو منصوب على الحال، والمراد بالمنافقين هنا ما قال ابن عباس أنها نزلت في قوم كانوا بمكة مع المشركين فزعموا أنهم آمنوا ولم يهاجروا، ثم سافر قوم منهم إلى الشام بتجارات، فاختلف المسلمون هل يقاتلونهم ليغنموا تجارتهم لأنهم لم يهاجروا؟ أو هل يتركونهم لأنهم مؤمنين؟ وقال زيد بن ثابت: نزلت في المنافقين الذين رجعوا عن القتال يوم أحد، فاختلف الصحابة في أمرهم، ويرد هذا قوله: حتى يهاجروا أَرْكَسَهُمْ أي أضلهم، وأهلكهم
وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ الضمير للمنافقين أي تمنوا أن تكفروا فَخُذُوهُمْ يريد به
(١) . لم يتضح لي مراد المؤلف بقوله: واجبة، وقد ذكرها الطبري أيضا.