للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى اله وسلّم أو للطائفة فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ أي لا تعاقبهم أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ حض على التفكر في معانيه لتظهر أدلته وبراهينه اخْتِلافاً كَثِيراً أي تناقضا كما في كلام البشر أو تفاوتا في الفصاحة لكن القرآن منزّه عن ذلك، فدل على أنه كلام الله، وإن عرضت لأحد شبهة وظن اختلافا في شيء من القرآن، فالواجب أن يتهم نظره ويسأل أهل العلم ويطالع تآليفهم، حتى يعلم أن ذلك ليس باختلاف وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ قيل: هم المنافقون وقيل: قوم من ضعفاء المسلمين، كانوا إذا بلغهم خبر عن السرايا والجيوش أو غير ذلك أذاعوا به، أي تكلموا به وشهروه قبل أن يعلموا صحته، وكان في إذاعتهم له مفسدة على المسلمين مع ما في ذلك من العجلة وقلة التثبت، فأنكر الله ذلك عليهم وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ أي: لو ترك هؤلاء القوم الكلام بذلك الأمر الذي بلغهم، وردوه إلى رسول الله صلّى الله تعالى عليه وعلى اله وسلّم وإلى أولي الأمر وهم كبراء الصحابة وأهل البصائر منهم، لعلمه القوم الذين يستنبطونه أي يستخرجونه من الرسول وأولي الأمر فالذين يستنبطونه على هذا طائفة من المسلمين يسألون عنه الرسول صلّى الله تعالى عليه واله وسلّم وأولي الأمر، وحرف الجر في قوله يستنبطونه منهم لابتداء الغاية وهو يتعلق بالفعل، والضمير المجرور يعود على الرسول وأولي الأمر، وقيل: الذين يستنبطونه هم أولوا الأمر، كما جاء في الحديث عن عمر رضي الله عنه أنه سمع أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طلق نساءه، فدخل عليه، فقال: أطلّقت نساءك؟ فقال: لا، فقام على باب المسجد، فقال: إنّ رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم لم يطلق نساءه، فأنزل الله هذه القصة، قال: وأنا الذي استنبطته، فعلى هذا يستنبطونه هم أولو الأمر، والضمير المجرور يعود عليهم، ومنهم لبيان الجنس، واستنباطه على هذا هو: سؤالهم عنه النبي صلّى الله تعالى عليه وسلّم أو بالنظر والبحث، واستنباطه على التأويل الأول وهو سؤال الذين أذاعوه للرسول عليه الصلاة والسلام ولأولي الأمر وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ أي: هداه وتوفيقه، أو بعثه للرسل، وإنزاله للكتب، والخطاب في هذه الآية للمؤمنين إِلَّا قَلِيلًا أي إلّا اتباعا قليلا فالاستثناء من المصدر، والمعنى: لولا فضل الله ورحمته لاتبعتم الشيطان إلّا في أمور قليلة كنتم لا تتبعونه فيها، وقيل: إنه استثناء من الفاعل في اتبعتم أي إلّا قليلا منكم، وهو الذي يقتضيه اللفظ، وهم الذين كانوا قبل الإسلام غير متبعين للشيطان كورقة بن نوفل، والفضل والرحمة على بعث الرسول وإنزال الكتاب، وقيل: إنّ الاستثناء من قوله أذاعوا به

<<  <  ج: ص:  >  >>