مدنية إلا من آية ٣٠ إلى غاية آية ٣٦ فمكية وآياتها ٧٥ نزلت بعد البقرة (سورة الأنفال) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
نزلت هذه السورة في غزوة بدر وغنائمها يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم والسائلون هم الصحابة، والأنفال هي الغنائم، وذلك أنهم كانوا يوم بدر ثلاث فرق: فرقة مع النبي صلّى الله عليه وسلّم في العريش تحرسه، وفرقة اتبعوا المشركين فقتلوهم وأسروهم، وفرقة أحاطوا بأسلاب العدو وعسكرهم لما انهزموا، فلما انجلت الحرب واجتمع الناس رأت كل فرقة أنها أحق بالغنيمة من غيرها، واختلفوا فيما بينهم، فنزلت الآية ومعناها: يسألونك عن حكم الغنيمة ومن يستحقها وقيل: الأنفال هنا ما ينفله الإمام لبعض الجيش من الغنيمة زيادة على حظه، وقد اختلف الفقهاء هل يكون ذلك التنفيل من الخمس وهو قول مالك؟ أو من الأربعة الأخماس، أو من رأس الغنيمة، قبل إخراج الخمس قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ أي الحكم فيها لله والرسول لا لكم وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ أي اتفقوا وائتلفوا، ولا تنازعوا، وذات هنا بمعنى: الأحوال، قاله الزمخشري، وقال ابن عطية: يراد بها في هذا الموضع نفس الشيء وحقيقته. وقال الزبيري: إن إطلاق الذات على نفس الشيء وحقيقته ليس من كلام العرب وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ يريد في الحكم في الغنائم، قال عبادة بن الصامت:
نزلت فينا أصحاب بدر حين اختلفنا وساءت أخلاقنا، فنزع الله الأنفال من أيدينا، وجعلها لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقسمها على السواء، فكان في ذلك تقوى الله وطاعة رسوله وإصلاح ذات البين إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الآية: أي الكاملو الإيمان، فإنما هنا للتأكيد والمبالغة والحصر وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ أي خافت وقرأ أبي بن كعب: فزعت زادَتْهُمْ إِيماناً أي قوي تصديقهم ويقينهم، خلافا لمن قال: إن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، وإن زيادته إنما هي بالعمل لَهُمْ دَرَجاتٌ يعني في الجنة