الكتاب بِالْحَقِّ أي بالواجب أو متضمنا الحق وَالْمِيزانَ قال ابن عباس وغيره يعني:
العدل، ومعنى إنزال العدل، إنزال الأمر به في الكتب المنزلة، وقيل: يعني الميزان المعروف، فإن قيل: ما وجه اتصال ذكر الكتاب والميزان بذكر الساعة؟ فالجواب أن الساعة يوم الجزاء والحساب، فكأنه قال: اعدلوا وافعلوا الصواب قبل اليوم الذي تحاسبون فيه على أعمالكم لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ جاء قريب، بالتذكير، لأن تأنيث الساعة غير حقيقي، ولأن المراد به وقت الساعة يَسْتَعْجِلُ بِهَا أي يطلبون تعجيلها استهزاء بها، وتعجيزا للمؤمنين يُمارُونَ أي يجادلون ويخالفون يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ يعني الرزق الزائد على المضمون لكل حيوان في قوله: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها [هود: ٦] أي ما تقوم به الحياة، فإن هذا على العموم لكل حيوان طول عمره، والزائد خاص بمن شاء الله حَرْثَ الْآخِرَةِ عبارة عن العمل لها، وكذلك حرث الدنيا، وهو مستعار من حرث الأرض لأن الحراث يعمل وينتظر المنفعة بما عمل نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ عبارة عن تضعيف الثواب نُؤْتِهِ مِنْها أي نؤته منها ما قدّر له، لأن كل أحد لا بد أن يصل إلى ما قسم له وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ هذا للكفار، أو لمن كان يريد الدنيا خاصة، ولا رغبة له في الآخرة أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ أم منقطعة للإنكار والتوبيخ، والشركاء الأصنام وغيرها، وقيل: الشياطين شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ الضمير في شرعوا للشركاء، وفي لهم: للكفار، وقيل: بالعكس والأول أظهر ولم يأذن بمعنى: لم يأمر، والمراد بما شرعوا من البواطل في الاعتقادات، وفي الأعمال، كالبحيرة والوصيلة وغير ذلك.
وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ أي لولا القضاء السابق بأن لا يقضى بينهم في الدنيا لقضي بينهم فيها تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ يعني في الآخرة
ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ تقديره يبشر به، وحذف الجار والمجرور إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى فيه أربعة أقوال: الأول أن القربى بمعنى القرابة، وفي بمعنى من أجل، والمعنى لا أسألكم عليه أجرا إلا أن تودوني لأجل القرابة التي بيني وبينكم فالمقصد على هذا استعطاف قريش، ولم يكن فيهم بطن