ولذلك حكم عليه بالخلود في النار، لأن ذلك القول لا يصدر إلّا من كافر، فلا حجة فيها لمن قال بتخليد العصاة لكونها في الكفار
يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا ينقصه ويذهبه وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ ينميها في الدنيا بالبركة، وفي الآخرة بمضاعفة الثواب كَفَّارٍ أَثِيمٍ أي من يجمع بين الكفر والإثم بفعل الربا، وهذا يدل على أن الآية في الكفار وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا سبب الآية أنه كان بين قريش وثقيف ربا في الجاهلية، فلما فتح رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم مكة قال في خطبته:«كل ربا كان في الجاهلية موضوع»«١» ، ثم إنّ ثقيف أرسلت تطلب الربا الذي كان لهم على قريش، فأبوا من دفعه وقالوا: قد وضع الربا.
فتحاكموا إلى عتّاب بن أسيد أمير مكة، فكتب بذلك إلى رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم فنزلت الآية إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ شرط لمن خوطب به من قريش وغيرهم فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ أي إن لم تنتهوا عن الربا حوربتم ومعنى فأذنوا: اعلموا، وقرئ بالمد [آذنوا] أي أعلموا غيركم، ولما نزلت قالت ثقيف: لا طاقة لنا بحرب الله ورسوله لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ أي لا تظلمون بأخذ زيادة على رؤوس أموالكم، ولا تظلمون بالنقص منها وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ كان تامة بمعنى حضر ووقع، وقرئ ذا عسرة، أي إن كان الغريم ذا عسرة فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ حكم الله للمعسر بالإنظار إلى أن يوسر، وقد كان قبل ذلك يباع فيما عليه، ونظرة مصدر، معناه: التأخير، وهو مرفوع على أنه خبر ابتداء تقديره فالجواب: نظرة أو مبتدأ، وميسرة أيضا مصدر وقرئ بضم السين وفتحها وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ ندب الله إلى الصدقة على المعسر بإسقاط الدين عنه فذلك أفضل من إنظاره، وباقي الآية وعظ، وقيل إنّ آخر آية نزلت آية الربا، وقيل بل قوله: وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ، الآية. وقيل آية الدين المذكورة بعد
إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ أي إذا عامل بعضكم بعضا بدين، وإنما ذكر الدين وإن كان مذكورا في تداينتم ليعود عليه الضمير في اكتبوه وليزول الاشتراك الذي في تداينتم، إذ يقال لمعنى الجزاء إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى دليل على أنه لا يجوز إلى أجل مجهول، وأجاز مالك البيع إلى الجذاذ والحصاد، لأنه
(١) . تحريم الربا كان ضمن خطبة حجة الوداع فانظرها في كتب السيرة وموضوع يعني: باطل.