لوجوه الإنفاق وأوقاته، قال ابن عباس: نزلت في عليّ فإنه تصدق بدرهم بالليل وبدرهم بالنهار وبدرهم سرا وبدرهم علانية. وقال أبو هريرة: نزلت في علف الخيل الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا أي ينتفعون به، وعبر عن ذلك بالأكل لأنه أغلب المنافع. وسواء من أعطاه أو من أخذه، والربا في اللغة الزيادة، ثم استعمل في الشريعة في بيوعات ممنوعة أكثرها راجع إلى الزيادة، فإنّ غالب الربا في الجاهلية قولهم للغريم: أتقضي أم تربي، فكان الغريم يزيد في عدد المال، ويصبر الطالب عليه، ثم إن الربا على نوعين: ربا النسيئة، وربا التفاضل وكلاهما يكون في الذهب والفضة، وفي الطعام. فأما النسيئة فتحرم في بيع الذهب بالذهب وبيع الفضة بالفضة وفي بيع الذهب بالفضة، وهو الصرف، وفي الطعام «١» بالطعام مطلقا، وأما التفاضل: فإنما يحرم في بيع الجنس الواحد بجنسه من النقدين ومن الطعام، ومذهب مالك أنه يحرم التفاضل في المقتات المدخر من الطعام، ومذهب الشافعي أنه يحرم في كل طعام، ومذهب أبي حنيفة أنه يحرم في المكيل والموزون من الطعام وغيره لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ أجمع المفسرون أن المعنى لا يقومون من قبورهم في البعث إلّا كالمجنون، ويتخبطه يتفعله من قولك: خبط يخبط، والمس الجنون، ومن تتعلق بيقوم ذلِكَ بِأَنَّهُمْ تعليل للعقاب الذي يصيبهم، وإنما هذا للكفار، لأن قولهم: إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا: ردّ على الشريعة وتكذيب للإثم وقد يأخذ العصاة بحظ من هذا الوعيد، فإن قيل: هلا قيل إنما الربا مثل البيع، لأنهم قاسوا الربا على البيع في الجواز، فالجواب: أن هذا مبالغة، فإنهم جعلوا الربا أصلا حتى شبهوا به البيع وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ عموم يخرج منه البيوع الممنوعة شرعا، وقد عددناها في الفقه ثمانين نوعا وَحَرَّمَ الرِّبا ردّ على الكفار وإنكار للتسوية بين البيع والربا، وفي ذلك دليل على أن القياس يهدمه النص، لأنه جعل الدليل على بطلان قياسهم تحليل الله وتحريمه فَلَهُ ما سَلَفَ أي له ما أخذ من الربا، أي لا يؤاخذ بما فعل منه قبل نزول التحريم وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ الضمير عائد على صاحب الربا، والمعنى أن الله يحكم فيه يوم القيامة، فلا تؤاخذوه في الدنيا، وقيل: الضمير عائد على الربا، والمعنى أن أمر الربا إلى الله في تحريم أو غير ذلك وَمَنْ عادَ الآية: يعني من عاد إلى فعل الربا وإلى القول: إنما البيع مثل الربا،