أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ أي أتقن جميع المخلوقات، وقرئ [خلقه] بإسكان اللام على البدل وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ يعني آدم عليه السلام نَسْلَهُ يعني ذريته مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ يعني المنيّ، والسلالة مشتقة من سل يسل، فكأن الماء يسل من الإنسان، والمهين الضعيف ثُمَّ سَوَّاهُ أي قوّمه وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ عبارة عن إيجاد الحياة فيه، وأضيفت الروح إلى الله إضافة ملك إلى ملك، وقد يراد بها الاختصاص، لأن الروح لا يعلم كنهه إلى الله أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أي تلفنا وصرنا ترابا، ومعنى هذا الكلام المحكي عن الكفار استبعاد البعث، والعامل في إذا معنى قولهم: إنا لفي خلق جديد تقديره: نبعث يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ اسمه عزرائيل وتحت يده ملائكة وَلَوْ تَرى يحتمل أن تكون لو للتمني، وتأويله في حق الله كتأويل الترجي، وقد ذكر، أو تكون للامتناع وجوابها محذوف تقديره: ولو ترى حال المجرمين في الآخرة لرأيت أمرا مهولا ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عبارة عن الذل والغم والندم رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا تقديره: يقولون ربنا قد علمنا الحقائق لَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها يعني أنه لو أراد أن يهدي جميع الخلائق لفعل، فإنه قادر على ذلك بأن يجعل الإيمان في قلوبهم ويدفع عنهم الشيطان والشهوات، ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ أي يقال لهم: ذوقوا، والنسيان هنا بمعنى الترك.
تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ أي ترتفع والمعنى يتركون مضاجعهم بالليل من كثرة صلاتهم النوافل، ومن صلى العشاء والصبح في جماعة فقد أخذ بحظه من هذا فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ يعني: أنه لا يعلم أحد مقدار ما يعطيهم الله من النعيم وقرأ حمزة أخفي بإسكان الياء على أن يكون فعل المتكلم وهو الله تعالى أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً الآية: يعني المؤمنين والفاسقين على العموم، وقيل: يعني عليّ بن أبي طالب