واغتسل فبرئ من المرض والبلاء وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ روى أن الله أحيا أولاده الموتى ورزقهم مثلهم معهم في الدنيا وقيل: في الآخرة، وقيل: ولدت امرأته مثل عدد أولاده الموتى ومثلهم معهم، وأخلف الله عليه أكثر مما ذهب من ماله رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا أي رحمة لأيوب، وذكرى لغيره من العابدين ليصبروا كما صبر، ويحتمل أن تكون الرحمة والذكرى معا للعابدين.
وَذَا الْكِفْلِ قيل: هو إلياس وقيل: زكريا، وقيل: نبيّ بعث إلى رجل واحد، وقيل: رجل صالح غير نبي، وسمى ذا الكفل: أي ذا الحظ من الله وقيل: لأنه تكفل لليسع بالقيام بالأمر من بعده.
وَذَا النُّونِ هو يونس عليه السلام، والنون هو الحوت نسب إليه لأنه التقمه إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً أي مغاضبا لقومه، إذ كان يدعوهم إلى الله فيكفرون، حتى أدركه ضجر منهم فخرج عنهم، ولذلك قال الله: وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ [القلم: ٤٨] ، ولا يصح قول من قال مغاضبا لربه فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ أي ظن أن [لن] نضيق عليه، فهو من معنى قوله قدر عليه رزقه، وقيل: هو من القدر والقضاء: أي ظنّ أن لن نضيق عليه بعقوبة، ولا يصح قول من قال: إنه من القدرة فَنادى فِي الظُّلُماتِ قيل هذا الكلام محذوف لبيانه في غير هذه الآية، وهو أنه لما خرج ركب السفينة فرمي في البحر فالتقمه الحوت فنادى في الظلمات، وهي ظلمة الليل والبحر وبطن الحوت، ويحتمل أنه عبر بالظلمة عن بطن الحوت، لشدّة ظلمته كقوله: وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ [البقرة: ١٧] أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ أن مفسرة أو مصدرية على تقدير نادى بأن، والظلم الذي اعترف به كونه لم يصبر على قومه وخرج عنهم وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ يعني من بطن الحوت وإخراجه إلى البرّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ يحتمل أن يكون مطلقا أو لمن دعا بدعاء يونس، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوة أخي يونس ذي النون ما دعا بها مكروب إلا استجيب له «١» لا تَذَرْنِي فَرْداً أي بلا ولد ولا وارث وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ إن لم ترزقني وارثا فأنت خير الوارثين، فهو استسلام لله
وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ يعني ولدت بعد أن كانت
(١) . الحديث ذكره صاحب التيسير وعزاه لأحمد والترمذي والنسائي والحاكم، وصححه البيهقي عن سعد بن أبي وقاص.