الإنسان لنعمة ربه لكفور، والإنسان جنس، وقيل: الكنود العاصي، وقال بعض الصوفية:
الكنود هو الذي يعبد الله على عوض [بمقابل]
وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ الضمير للإنسان أي هو شاهد على نفسه بكنوده، وقيل: هو لله تعالى على معنى التهديد: والأول أرجح لأن الضمير الذي بعده الإنسان باتفاق، فيجري الكلام على نسق واحد وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ الخير هنا المال، كقوله: إِنْ تَرَكَ خَيْراً [البقرة: ١٨٠] والمعنى أن الإنسان شديد الحب للمال، فهو ذم لحبه والحرص عليه، وقيل: الشديد: البخيل، والمعنى على هذا أنه بخيل من أجل حب المال، والأول أظهر إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ أي بحث عند ذلك عبارة عن البعث وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ أي جمع ما في الصحف وأظهر محصلا أو ميز خيره من شره إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ الضمير في ربهم وبهم يعود على الإنسان، لأنه يراد به الجنس وفي هذه الجملة وجهان: أحدهما أن هذه الجملة معمول أفلا يعلم فكان الأصل أن تفتح إن، ولكنها كسرت من أجل اللام التي في خبرها الثاني أن تكون هذه الجملة مستأنفة ويكون معمول أفلا يعلم محذوفا ويكون الفاعل ضميرا يعود على الإنسان والتقدير: أفلا يعلم الإنسان حاله وما يكون منه إذا بعثر ما في القبور؟ وهذا هو الذي قاله ابن عطية ويحتمل عندي أن يكون فاعل أفلا يعلم ضميرا يعود على الله، والمفعول محذوف والتقدير: أفلا يعلم الله أعمال الإنسان إذا بعثر ما في القبور، ثم استأنف قوله إن ربهم بهم يومئذ لخبير على وجه التأكيد، أو البيان للمعنى المتقدم، والعامل في إذا بعثر على هذا الوجه هو أفلا يعلم والعمل فيه على مقتضى قول ابن عطية هو المفعول المحذوف، وإذا هنا ظرفية بمعنى حين ووقت وليست بشرطية، والعامل في يومئذ خبير، وإنما خص ذلك بيوم القيامة لأنه يوم الجزاء بقصد التهديد، مع أن الله خبير على الإطلاق.