«القراءة التي عليها الناس اليوم بالشام والحجاز واليمن ومصر هي قراءة أبي عمرو، فلا تكاد تجد أحدا يلقن القرآن إلا على حرفه، خاصة في الفرش» . والظاهر أن تقلب القراءات على مصر ما يتبع قراءة القارئ المقتدى به عند أهل المصر، فقد ذكر بن الجزري بعد ما تقدم أن الشام كانت تقرأ بحرف بن عامر إلى حدود الخمسمائة، فتركوا ذلك لأن شخصا قدم من أهل العراق وكان يلقن الناس بالجامع الأموي على قراءة أبي عمرو، فاجتمع عليه خلق واشتهرت هذه القراءة عنه وأقام سنين كذا بلغني وإلا فما أعلم السبب في إعراض أهل الشام عن قراءة ابن عامر وأخذهم بقراءة أبي عمرو. وأنا أعد ذلك من كرامات شعبة» . وكان قد نقل قبل أسطر قول شعبة الذي مر بك: «أنظر ما يقرأ أبو عمرو مما يختار لنفسه فإنه سيصير للناس إسنادا» - النشر ١/ ٢٩١. هذا وعلمت من فاضل سوداني أن قراءة أبي عمرو يقرأ بها في السودان اليوم في الخرطوم إلى (كسلا) ، إلى شمال أريتيريا، وفي شرقي (تشاد) . وحدثني آخر من أهل المدينة أنه اقتدى بتاجر بخاري صلّى في الحرم المدني فقرأ قراءة ابن كثير برواية الدوري، فلما سألوه قال: إنها قراءة أهل بلاده.