مكية وآياتها ١١٢ نزلت بعد سورة إبراهيم بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سورة الأنبياء عليهم السلام) اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ الناس لفظ عام، وقال ابن عباس: المراد به هنا المشركون من قريش بدليل ما بعد ذلك، لأنه من صفاتهم، وإنما أخبر عن الساعة بالقرب، لأن الذي مضى من الزمان قبلها أكثر مما بقي لها ولأن كل آت قريب ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ يعني بالذكر القرآن، ومحدث: أي محدث النزول وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الواو في أسروا ضمير فاعل يعود على ما قبله، والذين ظلموا: بدل من الضمير، وقيل: إن الفاعل هو الذين ظلموا، وجاء ذلك على لغة من قال: أكلوني البراغيث، وهي لغة بني الحارث بن كعب، وقال سيبويه: لم تأت هذه اللغة في القرآن ويحتمل أن يكون الذين ظلموا منصوبا بفعل مضمر على الذم أو خبر ابتداء مضمر، والأول أحسن هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ هذا الكلام في موضع نصب بدل من النجوى، لأنه هو الكلام الذي تناجوا به، والبشر المذكور في الآية هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ إخبار بأنه ما تناجوا به على أنهم أسرّوه، فإن قيل: هلا قال يعلم السر مناسبة لقوله أسرّوا النجوى؟
فالجواب: أن القول يشمل السرّ والجهر فحصل به ذكر السرّ وزيادة.
بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ أي أخلاط منامات، وحكى عنهم هذه الأقوال الكثيرة، ليظهر اضطراب أمرهم وبطلان أقوالهم كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ أي كما جاء الرسل المتقدمون بالآيات، فليأتنا محمد بآية. فالتشبيه في الإتيان بالمعجزة ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها لما قالوا:
فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ أخبرهم الله أن الذين من قبلهم طلبوا الآيات، فلما رأوها ولم يؤمنوا أهلكوا، ثم قال أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ أي أن حالهم في عدم الإيمان وفي الهلاك كحال من قبلهم،