مكية وآياتها ٤٠ نزلت بعد القارعة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سورة القيامة) لا أُقْسِمُ في الموضعين معناه أقسم. ولا زائدة لتأكيد القسم، وقيل: هي استفتاح كلام بمنزلة ألا. وقيل: هي نفي لكلام الكفار بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ هي التي تلوم نفسها على فعل الذنوب، أو التقصير في الطاعات، فإن النفوس على ثلاثة أنواع فخيرها النفس المطمئنة وشرها النفس الأمارة بالسوء وبينهما النفس اللوامة، وقيل: اللوامة هي المذمومة الفاجرة، وهذا بعيد لأن الله لا يقسم إلا بما يعظم من المخلوقات، ويستقيم إن كان لا أقسم نفيا للقسم أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ الإنسان هنا للجنس، أو الإشارة به للكفار المنكرين للبعث، ومعناه أيظن أن لن نجمع عظامه للبعث بعد فنائها في التراب؟
وهذه الجملة هي التي تدل على جواب القسم المتقدم بَلى تقديره نجمعها قادِرِينَ منصوب على الحال من الضمير في نجمع، والتقدير: نجمعها ونحن قادرون عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ البنان الأصابع، وفي المعنى قولان: أحدهما أنه إخبار بالقدرة على البعث أي قادرين على أن نسوى أصابعه أي نخلقها بعد فنائها مستوية متقنة «١» ، وإنما خص الأصابع دون سائر الأعضاء لدقة عظامها وتفرقها، والآخر أنه تهديد في الدنيا، أي قادرين على أن نجعل أصابعه مستوية، ملتصقة كيد الحمار وخف الجمل، فلا يمكنه تصريف يديه في منافعه. والأول أليق بسياق الكلام بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ هذه الجملة معطوفة على أيحسب الإنسان، ويجوز أن يكون استفهاما مثلها أو تكون خبرا، وليست بل هنا للإضراب عن الكلام الأول بمعنى إبطاله وإنما هي للخروج منه إلى ما بعده، وليفجر:
معناه ليفعل أفعال الفجور، وفي معنى أمامه ثلاثة أقوال: أحدها أنه عبارة عما يستقبل من
(١) . رؤوس الأصابع اكتشف حديثا ما في خلقها من أعجاز وهو عدم تشابه الخطوط التي على رأس كل إصبع فالبصمات لكل إنسان تختلف عن غيره