العدالة، ومعناها اجتناب الذنوب الكبائر، وتوقي الصغائر مع المحافظة على المروءة أَنْ تَضِلَّ مفعول من أجله، والعامل فيه هو المقدر العامل في رجل وامرأتان والضلال في الشهادة هو نسيانها أو نسيان بعضها، وإنما جعل ضلال إحدى المرأتين مفعولا من أجله، وليس هو المراد، لأنه سبب لتذكير الأخرى لها وهو المراد، فأقيم السبب مقام المسبب، وقرئ: إن تضل: بكسر الهمزة على الشرط، وجوابه الفاء في فتذكر، ولذلك رفعه من كسر الهمزة، ونصبه من فتحها على العطف، وقرئ تذكر بالتشديد والتخفيف، والمعنى واحد وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ أي لا يمتنعون إِذا ما دُعُوا إلى أداء الشهادة، وقد ورد تفسيره بذلك عن النبي صلّى الله عليه واله وسلّم، واتفق العلماء أن أداء الشهادة واجب إذا دعي إليها، وقيل: إذا دعوا إلى تحصيل الشهادة وكتبها. وقيل: إلى الأمرين وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ أي لا تملوا من الكتابة إذا ترددت وكثرت، سواء كان الحق صغيرا أو كبيرا، ونصب صغيرا على الحال ذلِكُمْ إشارة إلى الكتابة أَقْسَطُ من القسط وهو العدل (وأقوم) بمعنى أشد إقامة، وينبني أفعل فيهما من الرباعي وهو قليل وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا أي أقرب إلى عدم الشك في الشهادة إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً أن في موضع نصب على الاستثناء المنقطع، لأن الكلام المتقدم في الدين المؤجل، والمعنى: إباحة ترك الكتابة في التجارة الحاضرة، وهو ما يباع بالنقد وغيره، تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ يقتضي القبض والبينونة وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ ذهب قوم إلى وجوب الإشهاد على كل بيع صغيرا أو كبيرا، وهم الظاهرية، خلافا للجمهور. وذهب قوم إلى أنه منسوخ بقوله: فإن أمن بعضكم بعضا، وذهب قوم إلى أنه على الندب وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ يحتمل أن يكون كاتب فاعلا على تقدير كسر الراء المدغمة من يضارّ، والمعنى على هذا نهي للكاتب والشاهد أن يضارّ صاحب
الحق أو الذي عليه الحق بالزيادة فيه أو النقصان منه، أو الامتناع من الكتابة أو الشهادة، ويحتمل أن يكون كاتب مفعولا لم يسم فاعله على تقدير فتح الراء المدغمة، ويقوي ذلك قراءة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، «لا يضارر» بالتفكيك وفتح الراء، والمعنى: النهي عن الإضرار بالكاتب والشاهد بإذايتهما بالقول أو بالفعل وَإِنْ تَفْعَلُوا أي إن وقعتم في الإضرار فَإِنَّهُ فُسُوقٌ حال بكم وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ إخبار على وجه الامتنان، وقيل: معناه الوعد بأن من اتقى علمه الله وألهمه وهذا المعنى صحيح، ولكن لفظ الآية لا يعطيه، لأنه لو كان كذلك لجزم يعلمكم في جواب اتقوا