للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقالة صدرت منهم في أوّل الأمر قبل أن يروا معجزات عيسى

قالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها أي أكلا نتشرف به بين الناس، وليس مرادهم شهوة البطن وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا أي نعاين الآية فيصير إيماننا بالضرورة والمشاهدة، فلا تعرض لنا الشكوك التي تعرض في الاستدلال وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا ظاهره يقوي قول من قال إنهم إنما قالوا ذلك قبل تمكن إيمانهم، ويحتمل أن يكون المعنى نعلم علما ضروريا لا يحتمل الشك وَنَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ أي نشهد بها عند من لم يحضرها من الناس قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ أجابهم عيسى إلى سؤال المائدة من الله، وروي أنه لبس جبة شعر ورداء شعر، وقام يصلي ويدعو ويبكي تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا قيل: نتخذ يوم نزولها عيدا يدور كل عام لأول الأمة، ثم لمن بعدهم، وقال ابن عباس: المعنى تكون مجتمعا لجميعنا أوّلنا وآخرنا في يوم نزولها خاصة لا عيدا يدور وَآيَةً مِنْكَ أي علامة على صدقي قالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ أجابهم الله إلى ما طلبوا، ونزلت المائدة عليها سمك وخبز، وقيل زيتون وتمر ورمان وقال ابن عباس: كان طعام المائدة ينزل عليهم حيثما نزلوا وفي قصة المائدة قصص كثيرة غير صحيحة فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً عادة الله عز وجل عقاب من كفر بعد اقتراح آية فأعطيته، ولما كفر بعض هؤلاء مسخهم الله خنازير، قال عبد الله بن عمر: أشدّ الناس عذابا يوم القيامة من كفر من أصحاب المائدة وآل فرعون والمنافقون..

وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قال ابن عباس والجمهور: هذا القول يكون من الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق، ليرى الكفار تبرئة عيسى مما نسبوه إليه، ويعلمون أنهم كانوا على باطل، وقال السدّي: لما رفع الله عيسى إليه قالت النصارى ما قالوا، وزعموا أن عيسى أمرهم بذلك، وسأل الله حينئذ عن ذلك، فقال: سبحانك الآية، فعلى هذا يكون إذ قال ماضيا في معناه كما هو لفظه، وعلى قول ابن عباس يكون بمعنى المستقبل ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ نفي يعضده دليل العقل لأنّ المحدث لا يكون إلها إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ اعتذار وبراءة من ذلك القول، ووكل العلم إلى الله لتظهر براءته، لأن الله علم أنه لم يقل ذلك تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ أي تعلم معلومي ولا أعلم معلومك، ولكنه سلك باللفظ مسلك المشاكلة، فقال في نفسك مقابلة لقوله في نفسي، وبقية قوله تعظيما لله، وإخبار بما

<<  <  ج: ص:  >  >>